وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ إذَا دَامَ إحْرَامُهَا تَبْقَى مَمْنُوعَةً مِنْ الْوَطْءِ دَائِمًا بَلْ وَمَمْنُوعَةً فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ بَلْ وَمِنْ النِّكَاحِ وَمِنْ الطِّيبِ وَمِنْ الصَّيْدِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ. وَشَرِيعَتُنَا لَا تَأْتِي بِمِثْلِ ذَلِكَ. وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ بَعْضَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْمُحْصَرَ بِمَرَضِ أَوْ نَفَقَةٍ يَقُولُ بِمِثْلِ ذَلِكَ - فَالْمَرِيضُ المأيوس مِنْ بُرْئِهِ وَالْفَقِيرُ الَّذِي يُمْكِنُهُ الْمُقَامُ دُونَ السَّفَرِ - كَانَ قَوْلُهُ مَرْدُودًا بِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ فَقِيهٌ: إنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمَرِيضَ الْمَعْضُوبَ المأيوس مِنْ بُرْئِهِ أَنْ يَبْقَى مُحْرِمًا حَتَّى يَمُوتَ بَلْ أَكْثَرُ مَا يُقَالُ إنَّهُ يُقِيمُ مَقَامَهُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ كَمَا قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي أَصْلِ الْحَجِّ. فَأَوْجَبَاهُ عَلَى الْمَعْضُوبِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يَحُجُّ بِهِ غَيْرُهُ عَنْهُ إذْ كَانَ مَنَاطُ الْوُجُوبِ عِنْدَهُمَا هُوَ مِلْكَ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ وَعِنْدَ مَالِكٍ الْقُدْرَةَ بِالْبَدَنِ كَيْفَ مَا كَانَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَجْمُوعَهُمَا وَعِنْدَ أَحْمَد فِي كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مَنَاطٌ لِلْوُجُوبِ فَيَجِبُ عَلَى هَذَا وَهَذَا وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْمَعْضُوبَ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرَ بِبَدَنِهِ فَكَيْفَ يَبْقَى مُحْرِمًا عَلَيْهِ إتْمَامُ الْحَجِّ إلَى أَنْ يَمُوتَ الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ إذَا أَمْكَنَهَا الْعَوْدُ فَعَادَتْ أَصَابَهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ نَظِيرُ مَا أَصَابَهَا فِي الْأُولَى إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ إلَّا مَعَ الْوَفْدِ وَالْحَيْضُ قَدْ يُصِيبُهَا مُدَّةَ مُقَامِهِمْ بِمَكَّةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute