للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ الْوُقُوفُ لَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ أَمْكَنَهُ الْوُقُوفُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ فِي وَقْتِهِ لَمْ يَكُنْ الْوُقُوفُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ مُجْزِيًا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَالطَّوَافُ لِلْإِفَاضَةِ هُوَ مَشْرُوعٌ بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَوَقْتُهُ يَوْمَ النَّحْرِ وَمَا بَعْدَهُ وَهَلْ يُجْزِئُ بَعْدَ انْتِصَافِ اللَّيْلِ لَيْلَةَ النَّحْرِ؟ فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ. فَإِذَا تَبَيَّنَ فَسَادُ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ بَقِيَ (الْخَامِسُ: وَهُوَ أَنَّهَا تَفْعَلُ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ عَنْهَا مَا تَعْجِزُ عَنْهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ النُّصُوصُ الْمُتَنَاوِلَةُ لِذَلِكَ وَالْأُصُولُ الْمُشَابِهَةُ لَهُ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مُخَالَفَةُ الْأُصُولِ وَالنُّصُوصِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الطَّهَارَةِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {تَقْضِي الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ} إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ مُطْلَقًا. كَقَوْلِهِ: {إذَا أَحْدَثَ أَحَدُكُمْ فَلَا يُصَلِّي حَتَّى يَتَوَضَّأَ} وَقَوْلِهِ {لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَتَوَضَّأَ} وَقَوْلِهِ: {لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارِ} وَقَوْلِهِ: " حُتِّيهِ ثُمَّ اُقْرُصِيهِ ثُمَّ اغْسِلِيهِ ثُمَّ صَلِّي فِيهِ " وَقَوْلِهِ: {لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عريان} وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ وُجُوبَ ذَلِكَ جَمِيعِهِ مَشْرُوطٌ بِالْقُدْرَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا أَسْتَطَعْتُمْ} وَهَذَا تَقْسِيمٌ حَاصِرٌ. إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تُؤْمَرَ بِالْمُقَامِ مَعَ الْعَجْزِ وَالضَّرَرِ عَلَى نَفْسِهَا