مَذْهَبُ الْإِمَامُ أَحْمَد وَغَيْرِهِ وَقَوْلُ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتِيَارُ الْمُتْعَةِ هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ مَكَّةَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَقَوْلُ بَنِي هَاشِمٍ. فَاتَّفَقَ عَلَى اخْتِيَارِهِ عُلَمَاءُ سُنَّتِهِ وَأَهْلُ بَلْدَتِهِ؛ وَأَهْلُ بَيْتِهِ. وَمَالِكٍ وَإِنْ كَانَ يَخْتَارُ الْإِفْرَادَ فَلَا يَخْتَارُهُ لِمَنْ يَعْتَمِرُ عَقِبَ الْحَجِّ بَلْ يَعْتَمِرُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ كَالْمُحَرَّمِ. وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ يَخْتَارُ التَّمَتُّعَ وَفِي الْآخَرِ يَخْتَارُ إحْرَامًا مُطْلَقًا وَفِي الْآخَرِ يَخْتَارُ الْإِفْرَادَ وَلَكِنْ لَا أَحْفَظُ قَوْلَهُ فِيمَنْ يَعْتَمِرُ عَقِبَ الْحَجِّ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ يَجْعَلُ هَذَا هُوَ الْأَفْضَلَ فَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد يَظُنُّ أَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ الْمُتْعَةَ أَفْضَلُ مِنْ الِاعْتِمَارِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَالْغَلَطُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرٌ عَلَى السُّنَّةِ؛ وَعَلَى الْأَئِمَّةِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يَشُكُّ مَنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ فِي السُّنَّةِ أَنَّ أَصْحَابَهُ لَمْ يَعْتَمِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَقِيبَ الْحَجِّ وَكَيْفَ يَشُكُّ مُسْلِمٌ أَنَّ مَا فَعَلُوهُ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْأَفْضَلُ لَهُمْ وَلِمَنْ كَانَ حَالُهُ كَحَالِهِمْ. وَقَدْ تَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ وَإِنْ سَوَّغَ الْعُمْرَةَ مِنْ مَكَّةَ عَقِبَ الْحَجِّ لِمَنْ أَفْرَدَ. فَهَذَا لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَمَرَ بِهِ هُوَ - وَلَا أَحَدٌ مِنْ خُلَفَائِهِ وَلَا أَحَدٌ مِنْ صَحَابَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute