بِالْمَعْرُوفِ نَاهِيًا عَنْ الْمُنْكَرِ بِحَيْثُ لَوْ انْتَقَلَ عَنْهَا إلَى أَرْضِ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ لَقَلَّتْ حَسَنَاتُهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا مُجَاهِدًا وَإِنْ كَانَ أَرْوَحَ قَلْبًا. وَكَذَلِكَ إذَا عَدِمَ الْخَيْرَ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ فِي أَمَاكِنِ الْفُجُورِ وَالْبِدَعِ. وَلِهَذَا كَانَ الْمُقَامُ فِي الثُّغُورِ بِنِيَّةِ الْمُرَابَطَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى أَفْضَلَ مِنْ الْمُجَاوَرَةِ بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ فَإِنَّ جِنْسَ الْجِهَادِ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الْحَجِّ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الْآيَةُ {وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إيمَانٌ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ} . وَهَكَذَا لَوْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْهِجْرَةِ وَالِانْتِقَالِ إلَى الْمَكَانِ الْأَفْضَلِ الَّتِي لَوْ انْتَقَلَ إلَيْهَا لَكَانَتْ الطَّاعَةُ عَلَيْهِ أَهْوَنَ وَطَاعَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدَةٌ؛ لَكِنَّهَا هُنَاكَ أَشَقُّ عَلَيْهِ. فَإِنَّهُ إذَا اسْتَوَتْ الطَّاعَتَانِ فَأَشَقُّهُمَا أَفْضَلُهُمَا؛ وَبِهَذَا نَاظَرَ مُهَاجِرَةُ الْحَبَشَةِ الْمُقِيمُونَ بَيْنَ الْكُفَّارِ لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُمْ فَقَالُوا: كُنَّا عِنْدَ الْبَغْضَاءِ الْبُعَدَاءَ وَأَنْتُمْ عِنْدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَمُ جَاهِلَكُمْ وَيُطْعِمُ جَائِعَكُمْ وَذَلِكَ فِي ذَاتِ اللَّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute