وَلَا عَنْ رَسُولِهِ؛ بَلْ هُوَ وَأَمْثَالُهُ مِنْ الْجِبَالِ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ وَجَعَلَهَا أَوْتَادًا لِلْأَرْضِ وَآيَةً مِنْ آيَاتِهِ وَفِيهَا مِنْ مَنَافِعَ خَلْقِهِ مَا هُوَ نِعَمٌ لِلَّهِ عَلَى عِبَادِهِ. وَسَوْفَ يَفْعَلُ بِهَا مَا أَخْبَرَ بِهِ فِي قَوْلِهِ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا} {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا} {لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} . وَأَمَّا مَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْحِكَايَاتِ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ مِنْ الِاجْتِمَاعِ بِبَعْضِ الْعِبَادِ فِي جَبَلِ لُبْنَانَ وَجَبَلِ اللِّكَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَمَا يُؤْثَرُ عَنْ بَعْضِ هَؤُلَاءِ مِنْ جَمِيعِ الْمَقَالِ وَالْفِعَالِ. فَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَمْكِنَةَ كَانَتْ ثُغُورًا يُرَابِطُ بِهَا الْمُسْلِمُونَ لِجِهَادِ الْعَدُوِّ؛ لَمَّا كَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ فَتَحُوا الشَّامَ كُلَّهُ وَغَيْرَ الشَّامِ فَكَانَتْ غَزَّةُ وَعَسْقَلَانُ وَعَكَّةُ وَبَيْرُوتُ وَجَبَلُ لُبْنَانَ وَطَرَابُلُسُ ومصيصة وسيس وطرسوس وَأُذُنَة وَجَبَلُ اللِّكَامِ وملطية وَآمِدُ وَجَبَلُ ليسون إلَى قَزْوِينَ إلَى الشَّاشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْبِلَادِ؛ كَانَتْ ثُغُورًا كَمَا كَانَتْ الإسكندرية وَنَحْوُهَا ثُغُورًا وَكَذَلِكَ عبادان وَنَحْوُهَا مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ. وَكَانَ الصَّالِحُونَ يَتَنَاوَبُونَ الثُّغُورَ لِأَجْلِ الْمُرَابَطَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ الْمُقَامَ بِالثُّغُورِ لِأَجْلِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُجَاوَرَةِ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute