للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} قَالُوا: هَذِهِ أَسْمَاءُ قَوْمٍ صَالِحِينَ كَانُوا مِنْ قَوْمِ نُوحٍ فَلَمَّا مَاتُوا عَكَفُوا عَلَى قُبُورِهِمْ ثُمَّ طَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَدُ فَاِتَّخَذُوا تَمَاثِيلَهُمْ أَصْنَامًا؟ وَكَانَ الْعُكُوفُ عَلَى الْقُبُورِ وَالتَّمَسُّحُ بِهَا وَتَقْبِيلُهَا وَالدُّعَاءُ عِنْدَهَا وَفِيهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ هُوَ أَصْلَ الشِّرْكِ وَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ " {اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ} . وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ زَارَ قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَبْرَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ - الصَّحَابَةُ وَأَهْلُ الْبَيْتِ وَغَيْرُهُمْ - أَنَّهُ لَا يَتَمَسَّحُ بِهِ وَلَا يُقَبِّلُهُ؛ بَلْ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِنْ الْجَمَادَاتِ مَا يُشْرَعُ تَقْبِيلُهَا إلَّا الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: وَاَللَّهِ إنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّك حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُك مَا قَبَّلْتُك. وَلِهَذَا لَا يُسَنُّ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلُ أَوْ يَسْتَلِمَ رُكْنَيْ الْبَيْتِ - اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ - وَلَا جُدْرَانَ الْبَيْتِ وَلَا مَقَامَ إبْرَاهِيمَ وَلَا صَخْرَةَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَلَا قَبْرَ أَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ. حَتَّى تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مِنْبَرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ مَوْجُودًا فَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَذُكِرَ أَنَّ مَالِكًا لَمَّا رَأَى عَطَاءً فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَأْخُذْ عَنْهُ الْعِلْمَ وَرَخَّصَ