للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَمَنْهِيٌّ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَلَمْ يَفْعَلْ هَذَا أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا بَلْ هَذَا مِنْ الشِّرْكِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} {وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا} وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَؤُلَاءِ أَسْمَاءُ قَوْمٍ صَالِحِينَ كَانُوا مِنْ قَوْمِ نُوحٍ وَأَنَّهُمْ عَكَفُوا عَلَى قُبُورِهِمْ مُدَّةً ثُمَّ طَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَدُ فَصَوَّرُوا تَمَاثِيلَهُمْ. لَا سِيَّمَا إذَا اقْتَرَنَ بِذَلِكَ دُعَاءُ الْمَيِّتِ وَالِاسْتِغَاثَةُ بِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ وَبَيَانُ مَا فِيهِ مِنْ الشِّرْكِ وَبَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَ " الزِّيَارَةِ الْبِدْعِيَّةِ " الَّتِي تَشَبَّهَ أَهْلُهَا بِالنَّصَارَى و " الزِّيَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ ". وَأَمَّا وَضْعُ الرَّأْسِ عِنْدَ الْكُبَرَاءِ مِنْ الشُّيُوخِ وَغَيْرِهِمْ أَوْ تَقْبِيلُ الْأَرْضِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا لَا نِزَاعَ فِيهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي النَّهْيِ عَنْهُ بَلْ مُجَرَّدُ الِانْحِنَاءِ بِالظَّهْرِ لِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. فَفِي الْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ " {أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا رَجَعَ مِنْ الشَّامِ سَجَدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا هَذَا يَا مُعَاذُ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتهمْ فِي الشَّامِ يَسْجُدُونَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَبَطَارِقَتِهِمْ وَيَذْكُرُونَ ذَلِكَ عَنْ أَنْبِيَائِهِمْ فَقَالَ: كَذَبُوا يَا مُعَاذُ لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدِ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مَنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا يَا مُعَاذُ أَرَأَيْت إنْ مَرَرْت بِقَبْرِي أَكُنْت سَاجِدًا؟ قَالَ لَا - قَالَ: - لَا تَفْعَلْ هَذَا} أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.