للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قُبُورِ الْمَشَايِخِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَهُوَ مِنْ جِنْسِ قَوْلِ غَيْرِهِ: قَبْرُ فُلَانٍ هُوَ التِّرْيَاقُ الْمُجَرَّبُ وَمِنْ جِنْسِ مَا يَقُولُهُ أَمْثَالُ هَذَا الْقَائِلِ: مِنْ أَنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قَبْرِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ. فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ بَعْضِ الْقُبُورِ ثُمَّ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ الْقَبْرُ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ قَبْرُ رَجُلٍ صَالِحٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَوْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الصَّالِحِينَ وَقَدْ يَكُونُ نِسْبَةُ ذَلِكَ الْقَبْرِ إلَى ذَلِكَ كَذِبًا أَوْ مَجْهُولَ الْحَالِ: مِثْلُ أَكْثَرِ مَا يُذْكَرُ مِنْ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ يَكُونُ صَحِيحًا وَالرَّجُلِ لَيْسَ بِصَالِحِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَقْسَامَ مَوْجُودَةٌ فِيمَنْ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ أَوْ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قَبْرٍ بِعَيْنِهِ وَأَنَّهُ اُسْتُجِيبَ لَهُ الدُّعَاءُ عِنْدَهُ وَالْحَالُ أَنَّ ذَاكَ إمَّا قَبْرُ مَعْرُوفٍ بِالْفِسْقِ وَالِابْتِدَاعِ وَإِمَّا قَبْرُ كَافِرٍ كَمَا رَأَيْنَا مَنْ دَعَا فَكُشِفَ لَهُ حَالُ الْقُبُورِ فَبُهِتَ لِذَلِكَ وَرَأَيْنَا مِنْ ذَلِكَ أَنْوَاعًا. وَأَصْلُ هَذَا: أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: إنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ قَوْلٌ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْمَشْهُورِينَ بِالْإِمَامَةِ فِي الدِّينِ؛ كَمَالِكِ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِي وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ