أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} .
فَأَخْبَرَ أَنَّ مَا يَدَّعِي مِنْ دُونِهِ لَا يَمْلِكُ كَشْفَ ضُرٍّ وَلَا تَحْوِيلَهُ وَأَنَّهُمْ يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ وَيَتَقَرَّبُونَ إلَيْهِ. فَهُوَ - سُبْحَانَهُ - قَدْ نَفَى مَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ؛ إلَّا مِنْ الشَّفَاعَةِ بِإِذْنِهِ وَالشَّفَاعَةُ هِيَ الدُّعَاءُ.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ دُعَاءَ الْخَلْقِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضِ نَافِعٌ وَاَللَّهُ قَدْ أَمَرَ بِذَلِكَ لَكِنَّ الدَّاعِيَ الشَّافِعَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ وَيَشْفَعَ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لَهُ فِي ذَلِكَ فَلَا يَشْفَعُ شَفَاعَةً نُهِيَ عَنْهَا؛ كَالشَّفَاعَةِ لِلْمُشْرِكِينَ وَالدُّعَاءِ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ. قَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} . وَقَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ الْمُنَافِقِينَ: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ اللَّهَ نَهَى نَبِيَّهُ عَنْ الِاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ لَهُمْ. كَمَا فِي قَوْلِهِ: {إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وَقَوْلِهِ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} - فِي الدُّعَاءِ - وَمِنْ الِاعْتِدَاءِ فِي الدُّعَاءِ: أَنْ يَسْأَلَ الْعَبْدُ مَا لَمْ يَكُنْ الرَّبُّ لِيَفْعَلَهُ. مِثْلُ: أَنْ يَسْأَلَهُ مَنَازِلَ الْأَنْبِيَاءِ وَلَيْسَ مِنْهُمْ أَوْ الْمَغْفِرَةَ لِلْمُشْرِكِينَ وَنَحْوَ ذَلِكَ. أَوْ يَسْأَلَهُ مَا فِيهِ مَعْصِيَةُ اللَّهِ كَإِعَانَتِهِ عَلَى الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute