فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ. قَالُوا: كَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْك وَقَدْ أَرَمْت؟ أَيْ بَلِيتَ. فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ لُحُومَ الْأَنْبِيَاءِ} وَفِي النَّسَائِي وَغَيْرِهِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " {إنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِقَبْرِي مَلَائِكَةً يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلَامَ} . وَمَعَ هَذَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قَبْرِهِ وَلَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَحَرَّى الدُّعَاءَ مُتَوَجِّهًا إلَى قَبْرِهِ بَلْ نَصُّوا عَلَى نَقِيضِ ذَلِكَ وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْعُو مُسْتَقْبِلَ الْقَبْرِ. وَتَنَازَعُوا فِي السَّلَامِ عَلَيْهِ. فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ كَمَالِكِ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا: يُسَلِّمُ عَلَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقَبْرِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَأَظُنُّهُ مَنْقُولًا عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: بَلْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ؛ بَلْ نَصَّ أَئِمَّةُ السَّلَفِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُوقَفُ عِنْدَهُ لِلدُّعَاءِ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إسْحَاقَ فِي " كِتَابِ الْمَبْسُوطِ " وَذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ. قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ يَقِفَ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدْعُوَ؛ وَلَكِنْ يُسَلِّمُ وَيَمْضِي. وَقَالَ أَيْضًا فِي " الْمَبْسُوطِ " لَا بَأْسَ لِمَنْ قَدِمَ مَنْ سَفَرٍ أَوْ خَرَجَ إلَى سَفَرٍ أَنْ يَقِفَ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ وَيَدْعُو لَهُ وَلِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. فَقِيلَ لَهُ: فَإِنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا يَقْدَمُونَ مِنْ سَفَرٍ وَلَا يُرِيدُونَهُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ وَرُبَّمَا وَقَفُوا فِي الْجُمْعَة أَوْ فِي الْيَوْمِ الْمَرَّةَ وَالْمَرَّتَيْنِ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute