للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَوَجَدُوا عِنْدَهُ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُ الْحَوَادِثِ وَكَانَ أَهْلُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ يَسْتَسْقُونَ بِهِ. فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ إلَى عُمَرَ. فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ أَنْ يُحْفَرَ بِالنَّهَارِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَبْرًا ثُمَّ يُدْفَنَ بِاللَّيْلِ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا وَيُعْفَى قَبْرُهُ؛ لِئَلَّا يَفْتَتِنَ النَّاسُ بِهِ. وَهَذَا كَمَا نَقَلُوا عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ أَقْوَامًا يَزُورُونَ الشَّجَرَةَ الَّتِي بُويِعَ تَحْتَهَا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ وَيُصَلُّونَ هُنَاكَ فَأَمَرَ بِقَطْعِ الشَّجَرَةِ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ فِي سَفَرٍ فَرَأَى قَوْمًا يَنْتَابُونَ بُقْعَةً يُصَلُّونَ فِيهَا فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذَا مَكَانٌ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: وَمَكَانٌ صَلَّى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَتَّخِذُوا آثَارَ أَنْبِيَائِكُمْ مَسَاجِدَ إنَّمَا هَلَكَ بَنُو إسْرَائِيلَ بِهَذَا. مَنْ أَدْرَكَتْهُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَإِلَّا فَلْيَمْضِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ مَا يُعَارِضُ بِهِ ذَلِكَ؛ إلَّا حِكَايَةٌ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ: إذَا كَانَتْ لَكُمْ إلَى اللَّهِ حَاجَةٌ؛ فَادْعُوهُ عِنْدَ قَبْرِي أَوْ قَالَ: قَبْرُ فُلَانٍ هُوَ التِّرْيَاقُ الْمُجَرَّبُ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الْحِكَايَاتِ الَّتِي قَدْ تَكُونُ صِدْقًا وَقَدْ تَكُونُ كَذِبًا وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ صِدْقًا: فَإِنَّ قَائِلَهَا غَيْرُ مَعْصُومٍ. وَمَا يُعَارِضُ النَّقْلَ الثَّابِتَ عَنْ الْمَعْصُومِ بِنَقْلِ غَيْرِ ثَابِتٍ عَنْ غَيْرِ مَعْصُومٍ إلَّا مَنْ يَكُونُ مِنْ الضَّالِّينَ إخْوَانِ الشَّيَاطِينِ. وَهَذَا مِنْ أَسْبَابِ الشِّرْكِ وَتَغْيِيرِ الدِّينِ.