للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَفْصِيلُ ذَلِكَ فَيَحْتَاجُ إلَى بَسْطٍ طَوِيلٍ كَمَا يَحْتَاجُ تَفْصِيلُ أَنْوَاعِ السِّحْرِ وَسَبَبُ تَأْثِيرِهِ وَمَا فِيهِ مِنْ السِّيمَيَا وَتَفْصِيلُ أَنْوَاعِ الشِّرْكِ وَمَا دَعَا الْمُشْرِكِينَ إلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ؛ فَإِنَّ الْعَاقِلَ يَعْلَمُ أَنَّ أُمَّةً مِنْ الْأُمَمِ لَمْ تُجْمِعْ عَلَى أَمْرٍ بِلَا سَبَبٍ وَالْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} {رَبِّ إنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} وَمَنْ ظَنَّ فِي عُبَّادِ الْأَصْنَامِ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا تَخْلُقُ الْعَالَمَ أَوْ أَنَّهَا تُنَزِّلُ الْمَطَرَ أَوْ تُنْبِتُ النَّبَاتَ أَوْ تَخْلُقُ الْحَيَوَانَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؛ فَهُوَ جَاهِلٌ بِهِمْ؛ بَلْ كَانَ قَصْدُ عُبَّادِ الْأَوْثَانِ لِأَوْثَانِهِمْ مِنْ جِنْسِ قَصْدِ الْمُشْرِكِينَ بِالْقُبُورِ لِلْقُبُورِ الْمُعَظَّمَةِ عِنْدَهُمْ وَقَصْدِ النَّصَارَى لِقُبُورِ الْقِدِّيسِينَ يَتَّخِذُونَهُمْ شُفَعَاءَ وَوَسَائِطَ وَوَسَائِلَ. بَلْ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَنَا بِالنَّقْلِ الصَّحِيحِ أَنَّ مِنْ مساجدي الْقُبُورِ مَنْ يَفْعَلُ بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ عُبَّادِ الْأَصْنَامِ. وَيَكْفِي الْمُسْلِمَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَرِّمْ شَيْئًا إلَّا وَمَفْسَدَتُهُ مَحْضَةٌ أَوْ غَالِبَةٌ. وَأَمَّا مَا كَانَتْ مَصْلَحَتُهُ مَحْضَةً أَوْ رَاجِحَةً: فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَهُ؛ إذْ الرُّسُلُ بُعِثَتْ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا. وَالشِّرْكُ كَمَا قُرِنَ بِالْكَذِبِ قُرِنَ بِالسِّحْرِ فِي مِثْلِ قَوْله تَعَالَى {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} {أُولَئِكَ