ثُمَّ إنَّ هَذَا الشَّيْخَ الْمُعَظَّمَ الْجَلِيلَ وَالْإِمَامَ الْمُكَرَّمَ النَّبِيلَ: أَوْحَدُ الدَّهْرِ وَفَرِيدُ الْعَصْرِ؛ طِرَازُ الْمَمْلَكَةِ الْمَلَكِيَّةِ وَعَلَمُ الدَّوْلَةِ السُّلْطَانِيَّةِ لَوْ أَقْسَمَ مُقْسِمٌ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ الْقَدِيرِ: أَنَّ هَذَا الْإِمَامَ الْكَبِيرَ لَيْسَ لَهُ فِي عَصْرِهِ مُمَاثِلَ وَلَا نَظِيرٌ لَكَانَتْ يَمِينُهُ بَرَّةً غَنِيَّةً عَنْ التَّكْفِيرِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ وُجُودِ مِثْلِهِ السَّبْعُ الْأَقَالِيمُ إلَّا هَذَا الْإِقْلِيمَ يُوَافِقُ عَلَى ذَلِكَ كُلُّ مُنْصِفٍ جُبِلَ عَلَى الطَّبْعِ السَّلِيمِ. وَلَسْت بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ أُطْرِيهِ بَلْ لَوْ أَطْنَبَ مُطْنِبٌ فِي مَدْحِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ لَمَا أَتَى عَلَى بَعْضِ الْفَضَائِلِ الَّتِي هِيَ فِيهِ: أَحْمَد ابْن تَيْمِيَّة دُرَّةٌ يَتِيمَةٌ يُتَنَافَسُ فِيهَا تُشْتَرَى وَلَا تُبَاعُ لَيْسَ فِي خَزَائِنِ الْمُلُوكِ دُرَّةٌ تُمَاثِلُهَا وَتُؤَاخِيهَا انْقَطَعَتْ عَنْ وُجُودِ مِثْلِهِ الْأَطْمَاعُ. وَلَقَدْ أَصَمَّ الْأَسْمَاعَ وَأَوْهَى قُوَى الْمَتْبُوعِينَ وَالْأَتْبَاعِ: سَمَّاعُ رَفْعِ أَبِي الْعَبَّاسِ - أَحْمَد ابْنِ تَيْمِيَّة - إلَى الْقِلَاعِ. وَلَيْسَ يَقَعُ مِنْ مِثْلِهِ أَمْرٌ يُنْقَمُ مِنْهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ أَمْرًا قَدْ لُبِّسَ عَلَيْهِ وَنُسِبَ إلَى مَا يُنْسَبُ مِثْلُهُ إلَيْهِ. وَالتَّطْوِيلُ عَلَى الْحَضْرَةِ الْعَالِيَةِ لَا يَلِيقُ إنْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا قُطْبٌ فَهُوَ الْقُطْبُ عَلَى التَّحْقِيقِ قَدْ نَصَّبَ اللَّهُ السُّلْطَانَ أَعْلَى اللَّهُ شَأْنَهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ مَنْصِبَ يُوسُفَ الصِّدِّيقِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ لَمَّا صَرَفَ اللَّهُ وُجُوهَ أَهْلِ الْبِلَادِ إلَيْهِ حِينَ أَمْحَلَتْ الْبِلَادُ وَاحْتَاجَ أَهْلُهَا إلَى الْقُوتِ الْمُدَّخَرِ لَدَيْهِ. وَالْحَاجَةُ بِالنَّاسِ الْآنَ إلَى قُوتِ الْأَرْوَاحِ الْمُشَارِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إلَيْهَا لَا خَفَاءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute