وَهَذَا يُضَاهِي مَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَمَّا كَانَتْ فِيهِ الْأَوْثَانُ وَكَانُوا يَقْصِدُونَهُ لِأَجْلِ تِلْكَ الْأَوْثَانِ الَّتِي فِيهِ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ فِيهِ؛ بَلْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} لَكِنْ كَانُوا يُعَظِّمُونَ نَفْسَ الْبَيْتِ وَيَطُوفُونَ بِهِ كَمَا كَانُوا يَحُجُّونَ كُلَّ عَامٍ مَعَ مَا كَانُوا غَيَّرُوهُ مِنْ شَرِيعَةِ إبْرَاهِيمَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ وَأَمَرَ بِاتِّبَاعِ مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ فَأَظْهَرَهَا وَدَعَا إلَيْهَا وَأَقَامَ الْحَجَّ عَلَى مَا شَرَعَهُ اللَّهُ لِإِبْرَاهِيمَ وَنَفَى الشِّرْكَ عَنْ الْبَيْتِ وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} {إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} . فَبَيَّنَ أَنَّ عُمَّارَ الْمَسَاجِدِ هُمْ الَّذِينَ لَا يَخْشَوْنَ إلَّا اللَّهَ وَمَنْ لَمْ يَخْشَ إلَّا اللَّهَ فَلَا يَرْجُو وَيَتَوَكَّلُ إلَّا عَلَيْهِ فَإِنَّ الرَّجَاءَ وَالْخَوْفَ مُتَلَازِمَانِ. وَاَلَّذِينَ يَحُجُّونَ إلَى الْقُبُورِ يَدْعُونَ أَهْلَهَا وَيَتَضَرَّعُونَ لَهُمْ وَيَعْبُدُونَهُمْ وَيَخْشَوْنَ غَيْرَ اللَّهِ وَيَرْجُونَ غَيْرَ اللَّهِ كَالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ آلِهَتَهُمْ وَيَرْجُونَهَا؛ وَلِهَذَا لَمَّا قَالُوا لِهُودِ عَلَيْهِ السَّلَامُ {إنْ نَقُولُ إلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute