رَسُولٌ كَرِيمٌ ابْنَهُ الْكَافِرَ الَّذِي حَقَّ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَأَغْرَقَهُ وَنَهَى نُوحًا عَنْ الشَّفَاعَةِ فِيهِ. وَالْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ مَخْلُوقُونَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ الْكُفَّارِ. فَإِذَا كَانَتْ الْمَادَّةُ الْقَرِيبَةُ الَّتِي يُخْلَقُ مِنْهَا الْأَنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ لَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُسَاوِيَةً لِأَبْدَانِهِمْ فِي الْفَضِيلَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ فَأَخْرَجَ الْبَدَنَ الْمُؤْمِنَ مِنْ مَنِيِّ كَافِرٍ فَالْمَادَّةُ الْبَعِيدَةُ وَهِيَ التُّرَابُ أَوْلَى أَنْ لَا تُسَاوِيَ أَبْدَانَ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَهَذِهِ الْأَبْدَانُ عَبَدَتْ اللَّهَ وَجَاهَدَتْ فِيهِ وَمُسْتَقَرُّهَا الْجَنَّةُ. وَأَمَّا الْمَوَادُّ الَّتِي خُلِقَتْ مِنْهَا هَذِهِ الْأَبْدَانُ فَمَا اسْتَحَالَ مِنْهَا وَصَارَ هُوَ الْبَدَنَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْبَدَنِ وَأَمَّا مَا فَضَلَ مِنْهَا فَذَاكَ بِمَنْزِلَةِ أَمْثَالِهِ. وَمِنْ هُنَا غَلِطَ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ مَا اسْتَحَالَ مِنْ الْمَوَادِّ فَصَارَ بَدَنًا وَبَيْنَ مَا لَمْ يَسْتَحِلْ؛ بَلْ بَقِيَ تُرَابًا أَوْ مَيِّتًا. فَتُرَابُ الْقُبُورِ إذَا قُدِّرَ أَنَّ الْمَيِّتَ خُلِقَ مِنْ ذَلِكَ التُّرَابِ فَاسْتَحَالَ مِنْهُ وَصَارَ بَدَنَ الْمَيِّتِ: فَهُوَ بَدَنُهُ وَفَضْلُهُ مَعْلُومٌ. وَأَمَّا مَا بَقِيَ فِي الْقَبْرِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ أَمْثَالِهِ بَلْ تُرَابٌ كَانَ يُلَاقِي جِبَاهَهُمْ عِنْدَ السُّجُودِ - وَهُوَ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ الْمَعْبُودِ - أَفْضَلُ مِنْ تُرَابِ الْقُبُورِ وَاللُّحُودِ. وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute