تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وَالْفَلَاسِفَةُ وَالْمَلَاحِدَةُ وَغَيْرُهُمْ مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ النُّبُوَّاتِ مَنْ جِنْسِ الْمَنَامَاتِ وَيَجْعَلُ مَقْصُودَهَا التَّخْيِيلَ فَقَطْ. قَالَ تَعَالَى: {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ} فَهَؤُلَاءِ مُكَذِّبُونَ بِالنُّبُوَّاتِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُمْ مَخْصُوصِينَ بِعِلْمِ يَنَالُونَهُ بِقُوَّةِ قُدْسِيَّةٍ بِلَا تَعَلُّمٍ؛ وَلَا يُثْبِتُ مَلَائِكَةً تَنْزِلُ بِالْوَحْيِ. وَلَا كَلَامًا لِلَّهِ يَتَكَلَّمُ بِهِ بَلْ يَقُولُونَ إنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْجُزْئِيَّاتِ فَلَا يَعْلَمُ لَا مُوسَى وَلَا مُحَمَّدًا وَلَا غَيْرَهُمَا مِنْ الرُّسُلِ وَيَقُولُونَ: خَاصِّيَّةُ النَّبِيِّ - هَذِهِ الْقُوَّةُ الْعِلْمِيَّةُ الْقُدْسِيَّةُ - قُوَّةٌ يُؤَثِّرُ بِهَا فِي الْعَالَمِ وَعَنْهَا تَكُونُ الْخَوَارِقُ وَقُوَّةٌ تَخَيُّلِيَّةٌ وَهُوَ أَنْ تُمَثَّلَ لَهُ الْحَقَائِقُ فِي صُوَرٍ خَيَالِيَّةٍ فِي نَفْسِهِ فَيَرَى فِي نَفْسِهِ أَشْكَالًا نُورَانِيَّةً وَيَسْمَعُ فِي نَفْسِهِ كَلَامًا. فَهَذَا هُوَ النَّبِيُّ عِنْدَهُمْ. وَهَذِهِ الثَّلَاثُ تُوجَدُ لِكَثِيرِ مِنْ آحَادِ الْعَامَّةِ الَّذِينَ غَيْرُهُمْ مِنْ النَّبِيِّينَ أَفْضَلُ مِنْهُمْ. وَهَؤُلَاءِ وَإِنْ كَانُوا أَقْرَبَ مِنْ الَّذِينَ قَبْلَهُمْ فَهُمْ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ لِلرُّسُلِ. وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ يُقِرُّ بِمَا جَاءُوا بِهِ إلَّا فِي أَشْيَاءَ تُخَالِفُ رَأْيَهُ فَيُقَدِّمُ رَأْيَهُ عَلَى مَا جَاءُوا بِهِ وَيُعْرِضُ عَمَّا جَاءُوا بِهِ فَيَقُولُ: إنَّهُ لَا يَدْرِي مَا أَرَادُوا بِهِ أَوْ يُحَرِّفُ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ. وَهَؤُلَاءِ مَوْجُودُونَ فِي أَهْل الْكِتَابِ وَفِي أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَلِهَذَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ؛ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُنَافِقِينَ وَبَسَطَ الْقَوْلَ فِيهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute