للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّادِسُ: أَنَّ الزِّيَارَةَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: نَوْعٌ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ. وَنَوْعٌ اتَّفَقُوا عَلَى النَّهْيِ عَنْهُ. وَنَوْعٌ تَنَازَعُوا فِيهِ. وَفِي الْجَوَابِ ذِكْرُ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ. وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ مَا تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ وَلَا ذَكَرُوا أَنَّ مَا تَنَازَعَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ يُرَدُّ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ؛ بَلْ جَعَلُوهُ مَرْدُودًا بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِمْ وَهَذَا بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ. وَالْحُكْمُ بِذَلِكَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ. وَالْمُجِيبُ إنَّمَا ذَكَرَ اتِّفَاقَ الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى أَنَّ السَّفَرَ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ إذَا سَافَرَ لِمُجَرَّدِ زِيَارَةِ قَبْرِ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَهَذَا مُنْتَفٍ فِي الْغَالِبِ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مَنْ هُوَ عَارِفٌ بِشَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ لَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ الْمَسْجِدَ مَعَ الْقَبْرِ؛ لَا سِيَّمَا مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} . وَلِهَذَا احْتَجَّ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ زِيَارَةِ قَبْرِهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَهَذِهِ الزِّيَارَةُ الَّتِي يَفْعَلُهَا مَنْ يَعْلَمُ الشَّرِيعَةَ لَمْ يَذْكُرْ الْمُجِيبُ أَنَّهَا لَا تُسْتَحَبُّ بِالْإِجْمَاعِ. وَكَيْفَ يَقُولُ ذَلِكَ وَاسْتِحْبَابُهَا مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ الْعُلَمَاءِ السَّابِعُ: أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الزِّيَارَةَ سُنَّةٌ وَفَضِيلَةٌ لَيْسَ هُوَ إجْمَاعًا عَلَى كُلِّ مَا يُسَمَّى زِيَارَةً وَلَا عَلَى هَذَا اللَّفْظِ؛ بَلْ هُوَ إجْمَاعٌ عَلَى مَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنْ حُقُوقِهِ فِي مَسْجِدِهِ. وَهَلْ يُكْرَهُ أَنْ يُسَمَّى ذَلِكَ زِيَارَةً لِقَبْرِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَكَثِيرٌ مِمَّا يُسَمَّى زِيَارَةً لِقَبْرِهِ فِيهِ نِزَاعٌ أَوْ هُوَ مَنْهِيٌّ