للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طُورَهُ وَلَا يُقِيمَ نَفْسَهُ فِي مَنْصِبٍ لَا يَسْتَحِقُّ الْقِيَامَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ - وَهُمْ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ - فَضْلًا عَمَّنْ هُوَ دُونَهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إنَّمَا كَانُوا يُلْزِمُونَ النَّاسَ بِاتِّبَاعِ كِتَابِ رَبِّهِمْ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ: إنَّمَا بَعَثْت عُمَّالِي - أَيْ نُوَّابِي - إلَيْكُمْ لِيُعَلِّمُوكُمْ كِتَابَ رَبِّكُمْ وَسُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَيَقْسِمُوا بَيْنَكُمْ فَيْأَكُمْ؛ بَلْ هَذِهِ يَتَكَلَّمُ فِيهَا مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْلَمُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَعْلَمَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْكَلَامِ فِيهَا مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمًا وَالْحَاكِمُ لَيْسَ لَهُ فِيهَا كَلَامٌ لِكَوْنِهِ حَاكِمًا؛ بَلْ إنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ تَكَلَّمَ فِيهَا كَآحَادِ الْعُلَمَاءِ. فَهَؤُلَاءِ حَكَمُوا فِيمَا لَيْسَ لَهُمْ فِيهِ الْحُكْمُ بِالْإِجْمَاعِ. وَهَذَا مِنْ الْحُكْمِ الْبَاطِلِ بِالْإِجْمَاعِ.

الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنَّ الْأَحْكَامَ الْكُلِّيَّةَ الَّتِي يَشْتَرِكُ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ - سَوَاءٌ كَانَتْ مُجْمَعًا عَلَيْهَا أَوْ مُتَنَازَعًا فِيهَا - لَيْسَ لِلْقُضَاةِ الْحُكْمُ فِيهَا؛ بَلْ الْحَاكِمُ الْعَالِمُ كَآحَادِ الْعُلَمَاءِ يَذْكُرُ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ وَإِنَّمَا يَحْكُمُ الْقَاضِي فِي أُمُورٍ مُعَيَّنَةٍ. وَأَمَّا كَوْنُ هَذَا الْعَمَلِ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا أَوْ مُحَرَّمًا فَهَذَا مِنْ الْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ الَّتِي لَيْسَ لِأَحَدِ فِيهَا حُكْمٌ إلَّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ. وَعُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ يَسْتَدِلُّونَ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِأَدِلَّةِ ذَلِكَ. وَهَؤُلَاءِ حَكَمُوا فِي الْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ وَحُكْمُهُمْ فِي ذَلِكَ