للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِإِسْنَادِ جَيِّدٍ. وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ هُوَ فُضِّلَ بِهِ وَبِإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ فَإِنَّ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ بَنَى الْبَيْتَ وَدَعَا النَّاسَ إلَى حَجِّهِ بِأَمْرِهِ تَعَالَى وَلَمْ يُوجِبْهُ عَلَى النَّاسِ وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ الْحَجُّ فَرْضًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَإِنَّمَا فُرِضَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنَّمَا فُرِضَ سَنَةَ نَزَلَتْ آلُ عِمْرَانَ لَمَّا وَفَدَ أَهْلُ نَجْرَانَ سَنَةَ تِسْعٍ أَوْ عَشْرٍ. وَمَنْ قَالَ: فِي سَنَةِ سِتٍّ فَإِنَّمَا اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فَإِنَّ هَذِهِ نَزَلَتْ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ لَكِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِيهَا الْأَمْرُ بِإِتْمَامِهِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ لَيْسَ فِيهَا إيجَابُ ابْتِدَاءٍ بِهِ فَالْبَيْتُ الْحَرَامُ كَانَ لَهُ فَضِيلَةُ بِنَاءِ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَدُعَاءِ النَّاسِ إلَى حَجِّهِ وَصَارَتْ لَهُ فَضِيلَةٌ ثَانِيَةٌ فَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ وَمَنَعَهُ مِنْهُمْ. وَهُوَ الَّذِي أَوْجَبَ حَجَّهُ عَلَى كُلِّ مُسْتَطِيعٍ. وَقَدْ حَجَّهُ النَّاسُ مِنْ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا فَعَبَدَ اللَّهَ فِيهِ بِسَبَبِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَضْعَافُ مَا كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَعْظَمُ مِمَّا كَانَ يُعْبَدُ فَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ. وَلَمَّا مَاتَ دُفِنَ فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: {لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ} يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا. قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا. وَفِي صَحِيحِ