للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضَالٌّ مُخَالِفٌ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِإِجْمَاعِ أَصْحَابِهِ وَلِعُلَمَاءِ أُمَّتِهِ. وَهُوَ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ الْقَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ. وَاَلَّذِي يَفْعَلُهُ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ هُوَ الزِّيَارَةُ الشَّرْعِيَّةُ: يُصَلُّونَ فِي مَسْجِدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ فِي الدُّخُولِ لِلْمَسْجِدِ وَفِي الصَّلَاةِ وَهَذَا مَشْرُوعٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ ذَكَرْت هَذَا فِي الْمَنَاسِكِ وَفِي الْفُتْيَا وَذَكَرْت أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى صَاحِبَيْهِ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي لَمْ أَذْكُرْ فِيهِ نِزَاعًا فِي الْفُتْيَا مَعَ أَنَّ فِيهِ نِزَاعًا؛ إذْ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ لَا يَسْتَحِبُّ زِيَارَةَ الْقُبُورِ مُطْلَقًا وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْرَهُهَا مُطْلَقًا كَمَا نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِي وَالشَّعْبِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِين وَهَؤُلَاءِ مِنْ أَجِلَّةِ التَّابِعِينَ. وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ. وَعَنْهُ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ لَيْسَتْ مُسْتَحَبَّةً. وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد؛ لَكِنَّ ظَاهِرَ مَذْهَبِهِ وَمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ: أَنَّ الزِّيَارَةَ الشَّرْعِيَّةَ مُسْتَحَبَّةٌ. وَهُوَ أَنْ يَزُورَ قُبُورَ الْمُؤْمِنِينَ لِلدُّعَاءِ لَهُمْ فَيُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ وَيَدْعُوَ لَهُمْ. وَتُزَارُ قُبُورُ الْكُفَّارِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُذَكِّرُ الْآخِرَةَ. وَأَمَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَهُ خَاصَّةٌ لَا يُمَاثِلُهُ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ الْخَلْقِ وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ عِنْدَ قَبْرِ غَيْرِهِ مِنْ الدُّعَاءِ لَهُ هُوَ مَأْمُورٌ [بِهِ] (١) فِي حَقِّ الرَّسُولِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَعِنْدَ دُخُولِ الْمَسَاجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهَا وَعِنْدَ الْأَذَانِ وَعِنْد كُلِّ دُعَاءٍ. وَهُوَ قَدْ نَهَى عَنْ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ


(١) ما بين معقوفتين غير موجود في المطبوع، ولم أقف عليه في كتاب صيانة مجموع الفتاوى من السقط والتصحيف

أسامة بن الزهراء - منسق الكتاب للموسوعة الشاملة