لِذَلِك أبرهة وَسَافَرَ إلَى الْكَعْبَةِ لِيَهْدِمَهَا حَتَّى جَرَى مَا جَرَى. قَالَ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ} {تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} وَهَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالسِّيَرِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ بَنَى كَنِيسَةً أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ حَجَّ الْعَرَبِ إلَيْهَا. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ فِيهَا مَا يَفْعَلُهُ فِي كَنَائِسِ النَّصَارَى. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ السَّفَرَ إلَى الْكَنَائِسِ عِنْدَهُمْ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْحَجِّ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّهُ يُسَمَّى حَجًّا وَيُضَاهَى بِهِ الْبَيْتُ الْحَرَامُ وَأَنَّ مَنْ قَصَدَ أَنْ يَجْعَلَ بُقْعَةً لِلْعِبَادَةِ فِيهَا كَمَا يُسَافِرُ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَإِنَّهُ قَصَدَ مَا هُوَ عِبَادَةٌ مِنْ جِنْسِ الْحَجِّ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَحُجَّ أَحَدٌ أَوْ يُسَافِرَ إلَى غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَالْحَجُّ الْوَاجِبُ الَّذِي يُسَمَّى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ حَجًّا إنَّمَا هُوَ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ خَاصَّةً. وَالسَّفَرُ إلَى بُقْعَةٍ لِلْعِبَادَةِ فِيهَا هُوَ إلَى الْمَسْجِدَيْنِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَسْفَارِ إلَى مَكَانٍ مُعَظَّمٍ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْحَجِّ إلَيْهِ وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ {أَبِي سُفْيَانَ لَمَّا اجْتَمَعَ بِأُمَيَّةِ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ وَذَكَرَ عَنْ عَالِمٍ مِنْ عُلَمَاءِ النَّصَارَى أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِقُرْبِ نَبِيٍّ يُبْعَثُ مِنْ الْعَرَبِ قَالَ أُمَيَّةُ: قُلْت نَحْنُ مِنْ الْعَرَبِ. قَالَ: إنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ يَحُجُّهُ الْعَرَبُ قَالَ فَقُلْت: نَحْنُ مَعْشَرَ ثَقِيفٍ فِينَا بَيْتٌ يَحُجُّهُ الْعَرَبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute