وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَقُولُونَ عَنْ هَذِهِ الْأَصْنَامِ إنَّهَا بَنَاتُ اللَّهِ وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ عَنْ الْمَلَائِكَةِ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي قَوْله تَعَالَى. بَعْدَ هَذَا: {إنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى} وَقَالَ: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} فَإِنَّ الْوَلَدَ يُمَاثِلُ أَبَاهُ وَكَذَلِكَ الشَّرِيكُ يُمَاثِلُ شَرِيكَهُ فَهُمْ ضَرَبُوا الْإِنَاثَ مَثَلًا وَهُمْ جَعَلُوا هَذِهِ شُرَكَاءَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ فَكَانُوا يَجْعَلُونَهَا أَنْدَادًا لِلَّهِ وَالشَّرِيكُ كَالْأَخِ فَجَعَلُوا لَهُ أَوْلَادًا إنَاثًا وَشُرَكَاءَ إنَاثًا فَجَعَلُوا لَهُ بَنَاتٍ وَأَخَوَاتٍ وَهُمْ لَا يُحِبُّونَ أَنْ تَكُونَ لِأَحَدِهِمْ أُنْثَى لَا بِنْتٌ وَلَا أُخْتٌ؛ بَلْ إذَا كَانَ الْأَبُ يَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ لَهُ بِنْتٌ فَالْأُخْتُ أَشَدُّ كَرَاهَةً لَهُ مِنْهَا. وَلَمْ يَكُونُوا يُورِثُونَ الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ. فَتَبَيَّنَ فَرْطُ جَهْلِهِمْ وَظُلْمِهِمْ إذْ جَعَلُوا لِلَّهِ مَا لَا يَرْضَوْنَهُ لِأَنْفُسِهِمْ فَكَانَتْ أَنْفُسُهُمْ عِنْدَهُمْ أَعْظَمَ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَهَذَا كَمَا ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا فَقَالَ تَعَالَى: {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ} {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} إلَى قَوْلِهِ: {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} وَقَالَ تَعَالَى {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute