وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ السَّفَرَ إلَى الْأَمَاكِنِ الْمُعَظَّمَةِ - الْقُبُورِ وَغَيْرِهَا - عِنْدَ أَصْحَابِهِ كَالْحَجِّ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ هُوَ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ والمتأخرين لَفْظًا وَمَعْنًى فَإِنَّهُمْ يَقْصِدُونَ مِنْ دُعَاءِ الْمَخْلُوقِ وَالْخُضُوعِ لَهُ وَالتَّضَرُّعِ إلَيْهِ نَظِيرَ مَا يَقْصِدُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ دُعَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْخُضُوعِ لَهُ وَالتَّضَرُّعِ إلَيْهِ؛ لَكِنْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} وَهُمْ يُسَمُّونَ ذَلِكَ حَجًّا إلَيْهَا وَهَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ مُتَقَدِّمِيهِمْ وَمُتَأَخِّرِيهِمْ. وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَالرَّافِضَةِ وَغَيْرِهِمْ يَحُجُّونَ إلَى الْمَشَاهِدِ وَقُبُورِ شُيُوخِهِمْ وَأَئِمَّتِهِمْ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ حَجًّا. وَيَقُولُ دَاعِيَتُهُمْ: السَّفَرُ إلَى الْحَجِّ الْأَكْبَرِ وَيُظْهِرُونَ عَلَمًا لِلْحَجِّ إلَيْهِ وَمَعَهُ مُنَادٍ يُنَادِي إلَيْهِ كَمَا يَرْفَعُ الْمُسْلِمُونَ عَلَمًا لِلْحَجِّ لَكِنَّ دَاعِيَ أَهْلِ الْبِدَعِ يُنَادِي: السَّفَرُ إلَى الْحَجِّ الْأَكْبَرِ عَلَانِيَةً فِي مِثْلِ بَغْدَادَ يَعْنِي السَّفَرَ إلَى مَشْهَدٍ مِنْ الْمَشَاهِدِ فَيَجْعَلُونَ السَّفَرَ إلَى قَبْرِ بَعْضِ الْمَخْلُوقِينَ هُوَ الْحَجَّ الْأَكْبَرَ وَالْحَجَّ إلَى بَيْتِ اللَّهِ عِنْدَهُمْ الْأَصْغَرُ. وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ أَئِمَّتُهُمْ فِي مُصَنَّفَاتِهِمْ. وَمِنْ جُهَّالِ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: وَحَقُّ النَّبِيِّ الَّذِي تَحُجُّ الْمَطَايَا إلَيْهِ. فَلَمَّا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُصَلُّونَ وَيَدْعُونَ الْمَخْلُوقَ وَيَحُجُّونَ إلَى قَبْرِهِ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ إنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} {قُلْ إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute