الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ. فَأَمَّا هَذِهِ الْقُرُونُ الَّتِي أَثْنَى عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَكُنْ هَذَا ظَاهِرًا فِيهَا وَلَكِنْ بَعْدَهَا ظَهَرَ الْإِفْكُ وَالشِّرْكُ. وَلِهَذَا لَمَّا سَأَلَ سَائِلٌ لِمَالِكِ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ يَأْتِيَ قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: إنْ كَانَ أَرَادَ الْمَسْجِدَ فَلْيَأْتِهِ وَلْيُصَلِّ فِيهِ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ الْقَبْرَ فَلَا يَفْعَلْ لِلْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ {لَا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ} . وَكَذَلِكَ مَنْ يَزُورُ قُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِيَدْعُوَهُمْ أَوْ يَطْلُبَ مِنْهُمْ الدُّعَاءَ أَوْ يَقْصِدَ الدُّعَاءَ عِنْدَهُمْ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إجَابَةً فِي ظَنِّهِ فَهَذَا لَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ عَلَى عَهْدِ مَالِكٍ لَا عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا غَيْرِهِ. وَإِذَا كَانَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يُطِيلَ الرَّجُلُ الْوُقُوفَ عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلدُّعَاءِ فَكَيْفَ بِمَنْ لَا يَقْصِدُ لَا السَّلَامَ عَلَيْهِ وَلَا الدُّعَاءَ لَهُ وَإِنَّمَا يَقْصِدُ دُعَاءَهُ وَطَلَبَ حَوَائِجِهِ مِنْهُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ عِنْدَهُ فَيُؤْذِي الرَّسُولَ وَيُشْرِكُ بِاَللَّهِ وَيَظْلِمُ نَفْسَهُ وَلَمْ يَعْتَمِدْ الْأَئِمَّةُ؛ لَا الْأَرْبَعَةُ وَلَا غَيْرُ الْأَرْبَعَةِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَرْوِيهَا بَعْضُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ. مِثْلَ مَا يَرْوُونَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ زَارَنِي فِي مَمَاتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي} وَمِنْ قَوْلِهِ: {مَنْ زَارَنِي وَزَارَ أَبِي فِي عَامٍ وَاحِدٍ ضَمِنْت لَهُ عَلَى اللَّهِ الْجَنَّةَ} وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَعْتَمِدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute