للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَهْلِ الْبِدَعِ الْمَشْهُورَةِ: كَالْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْجَهْمِيَّة. بَلْ كُلُّ هَؤُلَاءِ إنَّمَا حَدَثُوا فِيمَنْ بَعْدَهُمْ. وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ طَمِعَ الشَّيْطَانُ أَنْ يَتَرَاءَى لَهُ فِي صُورَةِ بَشَرٍ وَيَقُولَ: أَنَا الْخَضِرُ أَوْ أَنَا إبْرَاهِيمُ أَوْ مُوسَى أَوْ عِيسَى أَوْ الْمَسِيحُ أَوْ أَنْ يُكَلِّمَهُ عِنْدَ قَبْرٍ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّ صَاحِبَ الْقَبْرِ كَلَّمَهُ؛ بَلْ هَذَا إنَّمَا نَالَهُ فِيمَنْ بَعْدَهُمْ. وَنَالَهُ أَيْضًا مِنْ النَّصَارَى حَيْثُ أَتَاهُمْ بَعْدَ الصَّلْبِ وَقَالَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ وَهَذِهِ مَوَاضِعُ الْمَسَامِيرِ - وَلَا يَقُولُ: أَنَا شَيْطَانٌ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَكُونُ جَسَدًا - أَوْ كَمَا قَالَ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَ عَلَيْهِ النَّصَارَى فِي أَنَّهُ صُلِبَ؛ لَا فِي مُشَاهَدَتِهِ؛ فَإِنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ لَمْ يُشَاهِدْ الصَّلْبَ وَإِنَّمَا حَضَرَهُ بَعْضُ الْيَهُودِ وَعَلِمُوا الْمَصْلُوبَ وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ الْمَسِيحُ. وَلِهَذَا جَعَلَهُ اللَّهُ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا صَلَبُوهُ. لَكِنَّهُمْ قَصَدُوا هَذَا الْفِعْلَ وَفَرِحُوا بِهِ قَالَ تَعَالَى: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} {وَقَوْلِهِمْ إنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إلَيْهِ} . وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الصَّحَابَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَمْ يَطْمَعْ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ كَمَا أَضَلَّ غَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ تَأَوَّلُوا الْقُرْآنَ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ أَوْ جَهِلُوا السُّنَّةَ أَوْ رَأَوْا وَسَمِعُوا أُمُورًا مِنْ الْخَوَارِقِ فَظَنُّوهَا مِنْ جِنْسِ آيَاتِ