فَجَعَلَهُ مُخْتَصًّا بِهِ كَمَا اخْتَصَّ بِالصَّلَاةِ. وَحُكِيَ هَذَا عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الجُوَيْنِي؛ لَكِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ السَّلَامَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَفِيهَا نِزَاعٌ مَشْهُورٌ. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ فِي كِتَابِهِ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ مَخْصُوصًا بِذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى: {إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} فَهُنَا أَخْبَرَ وَأَمَرَ. وَأَمَّا فِي حَقِّ عُمُومِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَخْبَرَ وَلَمْ يَأْمُرْ فَقَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} . وَلِهَذَا إذَا ذَكَرَ الْخُطَبَاءُ ذَلِكَ قَالُوا: إنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرِ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ وَثَنَّى بِمَلَائِكَتِهِ وَأَيَّهَ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَرِيَّتِهِ أَيْ قَالَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} . فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَعَالَى عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بَدَأَ فِيهَا بِنَفْسِهِ وَثَنَّى بِمَلَائِكَتِهِ لَكِنْ لَمْ يُؤَيِّهْ فِيهَا بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَرِيَّتِهِ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: {إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ} .
وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ تُشْرَعُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الدُّعَاءِ وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ. وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ. وَفِي الْخُطَبِ فَأَوْجَبَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَلَمْ يُوجِبْهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ. وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد رِوَايَتَانِ. وَإِذَا قِيلَ بِوُجُوبِهَا فَهَلْ هِيَ رُكْنٌ أَوْ تَسْقُطُ بِالسَّهْوِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ أَنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ مَعَ الدُّعَاءِ فَلَا نَدْعُو حَتَّى نَبْدَأَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ مَأْمُورٌ بِهِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ الَّذِي هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute