أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} لَا أَمْلِكُ إلَّا تَبْلِيغَ مَا أُرْسِلْت بِهِ مِنْهُ. وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَحُصُولَ السَّعَادَةِ إنَّمَا هُوَ بِطَاعَتِهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} أَيْ لَوْ لَمْ تَدْعُوهُ كَمَا أَمَرَ فَتُطِيعُوهُ فَتَعْبُدُوهُ وَتُطِيعُوا رُسُلَهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْبَأُ بِكُمْ شَيْئًا. وَهَذِهِ الْوَسِيلَةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُبْتَغَى إلَيْهِ فَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} قَالَ عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَالْفَرَّاءِ: الْوَسِيلَةُ الْقُرْبَةُ. قَالَ قتادة: تَقَرَّبُوا إلَى اللَّهِ بِمَا يُرْضِيهِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: تَوَسَّلْت إلَيْهِ أَيْ تَقَرَّبْت. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ: تَحَبَّبُوا إلَى اللَّهِ. وَالتَّحَبُّبُ وَالتَّقَرُّبُ إلَيْهِ إنَّمَا هُوَ بِطَاعَةِ رَسُولِهِ. فَالْإِيمَانُ بِالرَّسُولِ وَطَاعَتُهُ هُوَ وَسِيلَةُ الْخَلْقِ إلَى اللَّهِ لَيْسَ لَهُمْ وَسِيلَةٌ يَتَوَسَّلُونَ بِهَا أَلْبَتَّةَ إلَّا الْإِيمَانُ بِرَسُولِهِ وَطَاعَتُهُ. وَلَيْسَ لِأَحَدِ مِنْ الْخَلْقِ وَسِيلَةٌ إلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إلَّا بِوَسِيلَةِ الْإِيمَانِ بِهَذَا الرَّسُولِ الْكَرِيمِ وَطَاعَتِهِ. وَهَذِهِ يُؤْمَرُ بِهَا الْإِنْسَانُ حَيْثُ كَانَ مِنْ الْأَمْكِنَةِ وَفِي كُلِّ وَقْتٍ. وَمَا خُصَّ مِنْ الْعِبَادَاتِ بِمَكَانِ كَالْحَجِّ أَوْ زَمَانٍ كَالصَّوْمِ وَالْجُمْعَةِ فَكُلٌّ فِي مَكَانِهِ وَزَمَانِهِ. وَلَيْسَ لِنَفْسِ الْحُجْرَةِ مِنْ دَاخِلٍ - فَضْلًا عَنْ جِدَارِهَا مِنْ خَارِجٍ - اخْتِصَاصٌ بِشَيْءِ فِي شَرْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute