بِاَللَّهِ شَيْئًا} . وَكَذَلِكَ فِي أَحَادِيثَ الشَّفَاعَةِ كُلِّهَا إنَّمَا يَشْفَعُ فِي أَهْلِ التَّوْحِيدِ فَبِحَسَبِ تَوْحِيدِ الْعَبْدِ لِلَّهِ وَإِخْلَاصِهِ دِينَهُ لِلَّهِ يَسْتَحِقُّ كَرَامَةَ الشَّفَاعَةِ وَغَيْرِهَا. وَهُوَ سُبْحَانَهُ عَلَّقَ الْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ وَالْحَمْدَ وَالذَّمَّ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَطَاعَتِهِ فَمَنْ كَانَ أَكْمَلَ فِي ذَلِكَ كَانَ أَحَقَّ بِتَوَلِّي اللَّهِ لَهُ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. ثُمَّ جَمِيعُ عِبَادِهِ مُسْلِمُهُمْ وَكَافِرُهُمْ هُوَ الَّذِي يَرْزُقُهُمْ وَهُوَ الَّذِي يَدْفَعُ عَنْهُمْ الْمَكَارِهَ وَهُوَ الَّذِي يَقْصِدُونَهُ فِي النَّوَائِبِ. قَالَ تَعَالَى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ} أَيْ بَدَلًا عَنْ الرَّحْمَنِ. هَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ} أَيْ لَجَعَلْنَا بَدَلًا مِنْكُمْ كَمَا قَالَهُ عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَلَيْتَ لَنَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ شَرْبَةً … مُبَرَّدَةً بَاتَتْ عَلَى الطَّهَيَانِ
أَيْ بَدَلًا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ. فَلَا يَكْلَأُ الْخَلْقَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَيَحْفَظُهُمْ وَيَدْفَعُ عَنْهُمْ الْمَكَارِهَ إلَّا اللَّهُ. قَالَ تَعَالَى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إنِ الْكَافِرُونَ إلَّا فِي غُرُورٍ} {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute