للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِ وَيَخْذُلُونَهُ إذْ هُمْ أَسْرَعُ النَّاسِ إلَى فِتْنَةٍ وَأَعْجَزُهُمْ فِيهَا عَنْ ثَبَاتٍ وَأَنَّ أَبَاهُ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ وَأَطْوَعَ فِي النَّاسِ وَكَانَ جُمْهُورُ النَّاسِ مَعَهُ. وَمَعَ هَذَا فَكَانَ فِيهِمْ مِنْ الْخِلَافِ عَلَيْهِ وَالْخِذْلَانِ لَهُ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ. حَتَّى صَارَ يَطْلُبُ السِّلْمَ بَعْدَ أَنْ كَانَ يَدْعُو إلَى الْحَرْبِ. وَمَا مَاتَ إلَّا وَقَدْ كَرِهَهُمْ كَرَاهَةً اللَّهُ بِهَا عَلِيمٌ. وَدَعَا عَلَيْهِمْ وَبَرَمَ بِهِمْ. فَلَمَّا ذَهَبَ الْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأُرْسِلَ ابْنُ عَمِّهِ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلٍ إلَيْهِمْ وَاتَّبَعَهُ طَائِفَةٌ. ثُمَّ لَمَّا قَدِمَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ الْكُوفَةَ قَامُوا مَعَ ابْنِ زِيَادٍ وَقُتِلَ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلٍ وَهَانِئُ بْنُ عُرْوَةَ وَغَيْرُهُمَا فَبَلَغَ الْحُسَيْنَ ذَلِكَ فَأَرَادَ الرُّجُوعَ فَوَافَتْهُ سَرِيَّةُ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَسْتَأْسِرَ لَهُمْ فَأَبَى وَطَلَبَ أَنْ يَرُدُّوهُ إلَى يَزِيدَ ابْنِ عَمِّهِ حَتَّى يَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهِ أَوْ يَرْجِعَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ أَوْ يَلْحَقَ بِبَعْضِ الثُّغُورِ فَامْتَنَعُوا مِنْ إجَابَتِهِ إلَى ذَلِكَ بَغْيًا وَظُلْمًا وَعُدْوَانًا. وَكَانَ مِنْ أَشَدِّهِمْ تَحْرِيضًا عَلَيْهِ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ. وَلَحِقَ بِالْحُسَيْنِ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ. وَوَقَعَ الْقَتْلُ حَتَّى أَكْرَمَ اللَّهُ الْحُسَيْنَ وَمَنْ أَكْرَمَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ بِالشَّهَادَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ. وَأَهَانَ بِالْبَغْيِ وَالظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ مِنْ أَهَانَهُ بِمَا انْتَهَكَهُ مِنْ حُرْمَتِهِمْ وَاسْتَحَلَّهُ مِنْ دِمَائِهِمْ {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى الْحُسَيْنِ وَكَرَامَتِهِ لَهُ لِيَنَالَ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ حَيْثُ لَمْ يُجْعَلُ لَهُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ مِنْ الِابْتِلَاءِ