للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ مِنْ الْمَعْلُومِ: أَنَّ دَفْنَهُ قَرِيبًا عِنْدَ أُمِّهِ وَأَخِيهِ بِالْبَقِيعِ أَفْضَلُ لَهُ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ دَفْنَهُ بِالْبَقِيعِ: هُوَ الَّذِي تَشْهَدُ لَهُ عَادَةُ الْقَوْمِ. فَإِنَّهُمْ كَانُوا فِي الْفِتَنِ إذَا قَتَلُوا الرَّجُلَ - لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ - سَلَّمُوا رَأْسَهُ وَبَدَنَهُ إلَى أَهْلِهِ كَمَا فَعَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ لَمَّا قَتَلَهُ وَصَلَبَهُ ثُمَّ سَلَّمَهُ إلَى أُمِّهِ. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ سَعْيَ الْحَجَّاجِ فِي قَتْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنَّ مَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِنْ الْحُرُوبِ: أَعْظَمُ بِكَثِيرِ مِمَّا كَانَ بَيْنَ الْحُسَيْنِ وَبَيْنَ خُصُومِهِ. فَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ ادَّعَى الْخِلَافَةَ بَعْدَ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ وَبَايَعَهُ أَكْثَرُ النَّاسِ. وَحَارَبَهُ يَزِيدُ حَتَّى مَاتَ وَجَيْشُهُ مُحَارِبُونَ لَهُ بَعْدَ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ. ثُمَّ لَمَّا تَوَلَّى عَبْدُ الْمَلِكِ غَلَبَهُ عَلَى الْعِرَاقِ مَعَ الشَّامِ. ثُمَّ بَعَثَ إلَيْهِ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ فَحَاصَرَهُ الْحِصَارَ الْمَعْرُوفَ حَتَّى قُتِلَ ثُمَّ صَلَبَهُ ثُمَّ سَلَّمَهُ إلَى أُمِّهِ. وَقَدْ دُفِنَ بَدَنُ الْحُسَيْنِ بِمَكَانِ مَصْرَعِهِ بِكَرْبَلَاءَ وَلَمْ يُنْبَشْ وَلَمْ يُمَثَّلْ بِهِ. فَلَمْ يَكُونُوا يَمْتَنِعُونَ مِنْ تَسْلِيمِ رَأْسِهِ إلَى أَهْلِهِ كَمَا سَلَّمُوا بَدَنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ إلَى أَهْلِهِ وَإِذَا تَسَلَّمَ أَهْلُهُ رَأْسُهُ فَلَمْ يَكُونُوا لِيَدَّعُوا دَفْنَهُ عِنْدَهُمْ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عِنْدَ عَمِّهِ وَأُمِّهِ وَأَخِيهِ وَقَرِيبًا مِنْ جَدِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدْفِنُونَهُ بِالشَّامِ حَيْثُ لَا أَحَدَ إذْ ذَاكَ يَنْصُرُهُمْ عَلَى