للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَكُونَ الْمَسَاجِدُ خَالِصَةً لِلَّهِ تَعَالَى تُبْنَى لِأَجْلِ عِبَادَتِهِ فَقَطْ لَا يُشْرِكُهُ فِي ذَلِكَ مَخْلُوقٌ فَإِذَا بُنِيَ الْمَسْجِدُ لِأَجْلِ مَيِّتٍ كَانَ حَرَامًا فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لِأَثَرِ آخَرَ فَإِنَّ الشِّرْكَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ حَاصِلٌ. وَلِهَذَا كَانَتْ النَّصَارَى يَبْنُونَ الْكَنَائِسَ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ وَالرَّجُلِ الصَّالِحِ وَعَلَى أَثَرِهِ وَبِاسْمِهِ. وَهَذَا الَّذِي خَافَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ وَهُوَ الَّذِي قَصَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْعَ أُمَّتِهِ مِنْهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} وَقَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} {إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ.} وَلَوْ كَانَ هَذَا مُسْتَحَبًّا لَكَانَ يُسْتَحَبُّ لِلصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنْ يُصَلُّوا فِي جَمِيعِ حُجَرِ أَزْوَاجِهِ وَفِي كُلِّ مَكَانٍ نَزَلَ فِيهِ فِي غَزَوَاتِهِ أَوْ أَسْفَارِهِ. وَلَكَانَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْنُوا هُنَاكَ مَسَاجِدَ وَلَمْ يَفْعَلْ السَّلَفُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَلَمْ يَشْرَعْ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُسْلِمِينَ مَكَانًا يُقْصَدُ لِلصَّلَاةِ إلَّا الْمَسْجِدَ. وَلَا مَكَانًا يُقْصَدُ لِلْعِبَادَةِ إلَّا الْمَشَاعِرَ. فَمَشَاعِرُ الْحَجِّ كَعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى