وَحَقِيقَةُ الْأَمْرِ: أَنَّ الْعَبْدَ مُفْتَقِرٌ إلَى مَا يَسْأَلُهُ مِنْ الْعِلْمِ وَالْهُدَى طَالِبٌ سَائِلٌ فَبِذِكْرِ اللَّهِ وَالِافْتِقَارِ إلَيْهِ يَهْدِيهِ اللَّهُ وَيَدُلُّهُ كَمَا قَالَ: " {يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَنْ هَدَيْته فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ} " وَكَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " {اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وميكائيل وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِك فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا أَخْتَلِفُ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِك إنَّك تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ". وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ: أَنَّ الطَّالِبَ لِلْعِلْمِ بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ وَالتَّفَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ لَا يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَنْظُرْ فِي دَلِيلٍ يُفِيدُهُ الْعِلْمُ بِالْمَدْلُولِ عَلَيْهِ وَمَتَى كَانَ الْعِلْمُ مُسْتَفَادًا بِالنَّظَرِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ النَّاظِرِ مِنْ الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ الثَّابِتِ فِي قَلْبِهِ مَا لَا يَحْتَاجُ حُصُولُهُ إلَى نَظَرٍ؛ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَعْلُومُ أَصْلًا وَسَبَبًا لِلتَّفَكُّرِ الَّذِي يَطْلُبُ بِهِ مَعْلُومًا آخَرَ وَلِهَذَا كَانَ الذِّكْرُ مُتَعَلِّقًا بِاَللَّهِ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْحَقُّ الْمَعْلُومُ وَكَانَ التَّفَكُّرُ فِي مَخْلُوقَاتِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} . وَقَدْ جَاءَ الْأَثَرُ: " {تَفَكَّرُوا فِي الْمَخْلُوقِ وَلَا تَتَفَكَّرُوا فِي الْخَالِقِ} "؛ لِأَنَّ التَّفْكِيرَ وَالتَّقْدِيرَ يَكُونُ فِي الْأَمْثَالِ الْمَضْرُوبَةِ وَالْمَقَايِيسِ وَذَلِكَ يَكُونُ فِي الْأُمُورِ الْمُتَشَابِهَةِ وَهِيَ الْمَخْلُوقَاتُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute