يَرِيبُنِي أَيْ حَرَّكَ قَلْبِي وَمِنْهُ الْحَدِيثُ {عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَرَّ بِظَبْيٍ حَاقِفٍ فَقَالَ: لَا يَرِيبُهُ أَحَدٌ} أَيْ: لَا يُحَرِّكُهُ أَحَدٌ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك} فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَالْكَذِبَ رِيبَةٌ؛ فَإِنَّ الصَّادِقَ مَنْ لَا يَقْلَقُ قَلْبُهُ وَالْكَاذِبَ يَقْلَقُ قَلْبُهُ وَلَيْسَ هُنَاكَ شَكٌّ بَلْ يَعْلَمُ أَنَّ الرَّيْبَ أَعَمُّ مِنْ الشَّكِّ. وَلِهَذَا فِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ: " {اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِك مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعْصِيَتِك} الْحَدِيثَ إلَى آخِرِهِ. وَفِي الْمُسْنَدِ وَالتِّرْمِذِي عَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: " {سَلُوا اللَّهَ الْيَقِينَ وَالْعَافِيَةَ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْطَ خَيْرٌ مِنْ الْيَقِينِ وَالْعَافِيَةِ فَاسْأَلُوهَا اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى} وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَاءٌ يَقِنٌ إذَا كَانَ سَاكِنًا لَا يَتَحَرَّكُ. فَقَلْبُ الْمُؤْمِنِ مُطَمْئِنٌ لَا يَكُونُ فِيهِ رَيْبٌ. هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " {أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهْطًا وَلَمْ يُعْطِ رَجُلًا وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْهُمْ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَك عَنْ فُلَانٍ؟ فَوَاَللَّهِ إنِّي أَرَاهُ مُؤْمِنًا قَالَ: أَوْ مُسْلِمًا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: إنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ} . وَلِهَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ وَغَيْرُهُ مِنْ السَّلَفِ: الْإِسْلَامُ دَائِرَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute