للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَّا أَنَّ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ حُكْمَ أَهْلِ السُّوقِ؛ إنْ أَرْخَصَ بَعْضُهُمْ تَرَكُوا وَإِنْ كَثُرَ الْمُرَخِّصُ قِيلَ لِمَنْ بَقِيَ: إمَّا أَنْ تَبِيعُوا كَبَيْعِهِمْ وَإِمَّا أَنْ تَرْفَعُوا. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَهَذَا فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ: مَأْكُولًا أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ؛ دُونَ مَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُمْكِنُ تَسْعِيرُهُ؛ لِعَدَمِ التَّمَاثُلِ فِيهِ. قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: يُرِيدُ إذَا كَانَ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ مُتَسَاوِيًا فَإِذَا اخْتَلَفَ لَمْ يُؤْمَرْ بَائِعُ الْجَيِّدِ أَنْ يَبِيعَهُ بِسِعْرِ الدُّونِ. قُلْت: وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ فِي التَّسْعِيرِ: أَنْ لَا يُحَدَّ لِأَهْلِ السُّوقِ حَدٌّ لَا يَتَجَاوَزُونَهُ مَعَ قِيَامِ النَّاسِ بِالْوَاجِبِ فَهَذَا مَنَعَ مِنْهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ حَتَّى مَالِكٌ نَفْسُهُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ. وَنُقِلَ الْمَنْعُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَسَالِمٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَذَكَرَ أَبُو الْوَلِيدِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُمْ أَرْخَصُوا فِيهِ؛ وَلَمْ يَذْكُرْ أَلْفَاظَهُمْ. وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ؛ وَصَاحِبِ السُّوقِ يُسَعِّرُ عَلَى الْجَزَّارِينَ: لَحْمَ الضَّأْنِ ثُلُثَ رِطْلٍ؛ وَلَحْمَ الْإِبِلِ نِصْفَ رِطْلٍ؛ وَإِلَّا خَرَجُوا مِنْ السُّوقِ. قَالَ: إذَا سَعَّرَ عَلَيْهِمْ قَدْرَ مَا يَرَى مِنْ شِرَائِهِمْ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ يَقُومُوا مِنْ السُّوقِ. وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ هَذَا مَصْلَحَةٌ لِلنَّاسِ بِالْمَنْعِ مِنْ إغْلَاءِ