يَرْضَى فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ غَبَنَ وَرَضِيَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يَرْضَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى سَخَطِهِ. وَلِهَذَا أَثْبَتَ الشَّارِعُ الْخِيَارَ لِمَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ أَوْ التَّدْلِيسِ؛ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ الصِّحَّةُ وَأَنْ يَكُونَ الْبَاطِنَ كَالظَّاهِرِ. فَإِذَا اشْتَرَى عَلَى ذَلِكَ فَمَا عَرَفَ رِضَاهُ إلَّا بِذَلِكَ فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ فِي السِّلْعَةِ غِشًّا أَوْ عَيْبًا فَهُوَ كَمَا لَوْ وَصَفَهَا بِصِفَةِ وَتَبَيَّنَتْ بِخِلَافِهَا فَقَدْ يَرْضَى وَقَدْ لَا يَرْضَى فَإِنْ رَضِيَ وَإِلَّا فَسَخَ الْبَيْعَ. وَفَى الصَّحِيحَيْنِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " {الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا} ". وَفِي السُّنَنِ {أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ لَهُ شَجَرَةٌ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ؛ وَكَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ يَتَضَرَّرُ بِدُخُولِ صَاحِبِ الشَّجَرَةِ فَشَكَا ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ بَدَلَهَا أَوْ يَتَبَرَّعَ لَهُ بِهَا فَلَمْ يَفْعَلْ فَأَذِنَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فِي قَلْعِهَا وَقَالَ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ: إنَّمَا أَنْتَ مُضَارٌّ} . فَهُنَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهَا أَنْ يَبِيعَهَا؛ فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْبَيْعِ عِنْدَ حَاجَةِ الْمُشْتَرِي وَأَيْنَ حَاجَةُ هَذَا مِنْ حَاجَةِ عُمُومِ النَّاسِ إلَى الطَّعَامِ؟ وَنَظِيرُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتْجُرُونَ فِي الطَّعَامِ بِالطَّحْنِ وَالْخُبْزِ. وَنَظِيرُ هَؤُلَاءِ صَاحِبُ الْخَانِ والقيسارية وَالْحَمَّامُ إذَا احْتَاجَ النَّاسُ إلَى الِانْتِفَاعِ بِذَلِكَ وَهُوَ إنَّمَا ضَمِنَهَا لِيَتَّجِرَ فِيهَا فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ إدْخَالِ النَّاسِ إلَّا بِمَا شَاءَ وَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute