كَانَ مَا يُفْسِدُ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُ. وَكَمَا فِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {الْعِلْمُ إمَامُ الْعَمَلِ وَالْعَمَلُ تَابِعُهُ} وَهَذَا ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْقَصْدَ وَالْعَمَلَ إنْ لَمْ يَكُنْ بِعِلْمِ كَانَ جَهْلًا وَضَلَالًا وَاتِّبَاعًا لِلْهَوَى كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَهْلِ الْإِسْلَامِ. فَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِالْمَعْرُوفِ وَالْمُنْكَرِ وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا. وَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِحَالِ الْمَأْمُورِ وَالْمَنْهِيِّ. وَمِنْ الصَّلَاحِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ بِالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَهُوَ أَقْرَبُ الطُّرُقِ إلَى حُصُولِ الْمَقْصُودِ. وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّفْقِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إلَّا زَانَهُ؛ وَلَا كَانَ الْعُنْفُ فِي شَيْءٍ إلَّا شَانَهُ وَقَالَ: إنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ وَيُعْطِي عَلَيْهِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ.} وَلَا بُدَّ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ حَلِيمًا صَبُورًا عَلَى الْأَذَى؛ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ أَذًى؛ فَإِنْ لَمْ يَحْلَمْ وَيَصْبِرْ كَانَ مَا يُفْسِدُ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُ. كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} وَلِهَذَا أَمَرَ اللَّهُ الرُّسُلَ - وَهُمْ أَئِمَّةُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ - بِالصَّبْرِ كَقَوْلِهِ لِخَاتَمِ الرُّسُلِ؛ بَلْ ذَلِكَ مَقْرُونٌ بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ. فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَا أُرْسِلَ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} بَعْدَ أَنْ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ. اقْرَأْ الَّتِي بِهَا نُبِّئَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute