فَهَذَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَلَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ. وَمَنْ يَعْمَلْ لِلَّهِ لَكِنْ لَا بِشَجَاعَةِ وَلَا سَمَاحَةٍ؛ فَهَذَا فِيهِ مِنْ النِّفَاقِ وَنَقْصِ الْإِيمَانِ بِقَدْرِ ذَلِكَ. وَمَنْ لَا يَعْمَلْ لِلَّهِ وَلَيْسَ فِيهِ شَجَاعَةٌ وَلَا سَمَاحَةٌ؛ فَهَذَا لَيْسَ لَهُ دُنْيَا وَلَا آخِرَةٌ. فَهَذِهِ الْأَخْلَاقُ وَالْأَفْعَالُ يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْمُؤْمِنُ عُمُومًا وَخُصُوصًا فِي أَوْقَاتِ الْمِحَنِ وَالْفِتَنِ الشَّدِيدَةِ؛ فَإِنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى صَلَاحِ نُفُوسِهِمْ وَدَفْعِ الذُّنُوبِ عَنْ نُفُوسِهِمْ عِنْدَ الْمُقْتَضِي لِلْفِتْنَةِ عِنْدَهُمْ وَيَحْتَاجُونَ أَيْضًا إلَى أَمْرِ غَيْرِهِمْ وَنَهْيِهِ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِمْ وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ فِيهِ مِنْ الصُّعُوبَةِ مَا فِيهِ؛ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَهَذَا لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَأَمَرَهُمْ بِدَعْوَةِ النَّاسِ وَجِهَادِهِمْ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} {الَّذِينَ إنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} . وَكَمَا قَالَ: {إنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} وَكَمَا قَالَ: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} . وَكَمَا قَالَ: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} .
وَلَمَّا كَانَ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ الِابْتِلَاءِ وَالْمِحَنِ مَا يُعَرِّضُ بِهِ الْمَرْءَ لِلْفِتْنَةِ: صَارَ فِي النَّاسِ مَنْ يَتَعَلَّلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute