للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَالَ وَشَهَوَاتِ الْغَيِّ؛ فَإِنَّهُ إذَا فَعَلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرٍ وَنَهْيٍ وَجِهَادٍ وَإِمَارَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ الْمَحْظُورَاتِ. فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ أَغْلَبَ الْأَمْرَيْنِ. فَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ تَرْكِ ذَلِكَ الْمَحْظُورِ لَمْ يَتْرُكْ ذَلِكَ لِمَا يُخَافُ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ مَا هُوَ دُونَهُ فِي الْمَفْسَدَةِ؛ وَإِنْ كَانَ تَرْكُ الْمَحْظُورِ أَعْظَمَ أَجْرًا لَمْ يَفُوتُ ذَلِكَ بِرَجَاءِ ثَوَابٍ بِفِعْلِ وَاجِبٍ يَكُونُ دُونَ ذَلِكَ؛ فَذَلِكَ يَكُونُ بِمَا يَجْتَمِعُ لَهُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ؛ فَهَذَا هَذَا. وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ يَطُولُ.

وَكُلُّ بَشَرٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَمْرٍ وَنَهْيٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يَأْمُرَ وَيَنْهَى حَتَّى لَوْ أَنَّهُ وَحْدَهُ لَكَانَ يَأْمُرُ نَفْسَهُ وَيَنْهَاهَا؛ إمَّا بِمَعْرُوفِ وَإِمَّا بِمُنْكَرٍ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} فَإِنَّ الْأَمْرَ هُوَ طَلَبُ الْفِعْلِ وَإِرَادَتِهِ؛ وَالنَّهْيُ طَلَبُ التَّرْكِ وَإِرَادَتِهِ وَلَا بُدَّ لِكُلِّ حَيٍّ مِنْ إرَادَةٍ وَطَلَبٍ فِي نَفْسِهِ يَقْتَضِي بِهِمَا فِعْلُ نَفْسِهِ وَيَقْتَضِي بِهِمَا فِعْلُ غَيْرِهِ إذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ حَيٌّ يَتَحَرَّكُ بِإِرَادَتِهِ. وَبَنُو آدَمَ لَا يَعِيشُونَ إلَّا بِاجْتِمَاعِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ وَإِذَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا ائْتِمَارٌ بِأَمْرِ وَتَنَاهٍ عَنْ أَمْرٍ؛ وَلِهَذَا كَانَ أَقَلُّ الْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَاةِ اثْنَيْنِ؛ كَمَا قِيلَ: الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ؛ لَكِنْ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ اشْتِرَاكًا فِي مُجَرَّدِ الصَّلَاةِ حَصَلَ بِاثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا إمَامٌ