للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَكُونُ أَعْظَمَ بِكَثِيرِ مِنْ مَنْفَعَةِ رَدْعِهِ عَنْ الْخَمْرِ وَالْفَاحِشَةِ إذَا اسْتَسَرَّ بِذَلِكَ وَلَمْ يَظْلِمْ بِهِ غَيْرَهُ؛ فَيَدْفَعُ هُنَا أَعْظَمَ الفسادين بِاحْتِمَالِ أَدْنَاهُمَا. وَفِي مِثْلِ هَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ وَبِأَقْوَامِ لَا خَلَاقَ لَهُمْ} وَيُذَمُّ أَحَدُ هَؤُلَاءِ أَوْ يُزْجَرُ بِمَا فِيهِ مِنْ عَجْزٍ عَنْ الْجِهَادِ أَوْ تَفْرِيطٍ فِيهِ مَا لَا يَفْعَلُ بِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ مَرْصَدًا لِلْجِهَادِ. وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ عَلَى الْأُمَّةِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ: صُورَةً وَمَعْنًى؛ مَعَ أَنَّ حِفْظَ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى الْأُمَّةِ عُمُومًا عَلَى الْكِفَايَةِ مِنْهُمْ وَمِنْهُ مَا يَجِبُ عَلَى أَعْيَانِهِمْ وَهُوَ عِلْمُ الْعَيْنِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ؛ لَكِنَّ وُجُوبَ ذَلِكَ عَيْنًا وَكِفَايَةً عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ رَأَسُوا فِيهِ أَوْ رُزِقُوا عَلَيْهِ أَعْظَمَ مِنْ وُجُوبِهِ عَلَى غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ بِالشَّرْعِ عُمُومًا. وَقَدْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَيْهِ وَعَجْزِ غَيْرِهِمْ؛ وَيَدْخُلُ فِي الْقُدْرَةِ اسْتِعْدَادُ الْعَقْلِ وَسَابِقَةُ الطَّلَبِ وَمَعْرِفَةُ الطُّرُقِ الْمُوَصِّلَةِ إلَيْهِ مِنْ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ وَالْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَسَائِرِ الْأَدِلَّةِ الْمُتَعَدِّدَةِ وَالتَّفَرُّغُ لَهُ عَمَّا يَشْغَلُ بِهِ غَيْرَهُمْ. وَلِهَذَا مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّ الشُّرُوعَ فِي الْعِلْمِ وَالْجِهَادِ يَلْزَمُ كَالشُّرُوعِ فِي الْحَجِّ يَعْنِي أَنَّ مَا حَفِظَهُ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ وَعِلْمِ الْجِهَادِ لَيْسَ لَهُ