للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ كَذِبُهُمْ فِي الْعِلْمِ مِنْ أَعْظَمِ الظُّلْمِ. وَكَذَلِكَ إظْهَارُهُمْ لِلْمَعَاصِي وَالْبِدَعِ الَّتِي تَمْنَعُ الثِّقَةَ بِأَقْوَالِهِمْ. وَتَصْرِفُ الْقُلُوبَ عَنْ اتِّبَاعِهِمْ وَتَقْتَضِي مُتَابَعَةَ النَّاسِ لَهُمْ فِيهَا؛ هِيَ مِنْ أَعْظَمِ الظُّلْمِ وَيَسْتَحِقُّونَ مِنْ الذَّمِّ وَالْعُقُوبَةِ عَلَيْهَا مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ أَظْهَرَ الْكَذِبَ وَالْمَعَاصِيَ وَالْبِدَعَ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ إظْهَارَ غَيْرِ الْعَالِمِ - وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ ضَرَرٍ - فَلَيْسَ هُوَ مِثْلُ الْعَالِمِ فِي الضَّرَرِ الَّذِي يَمْنَعُ ظُهُورَ الْحَقِّ وَيُوجِبُ ظُهُورَ الْبَاطِلِ؛ فَإِنَّ إظْهَارَ هَؤُلَاءِ لِلْفُجُورِ وَالْبِدَعِ بِمَنْزِلَةِ إعْرَاضِ الْمُقَاتِلَةِ عَنْ الْجِهَادِ وَدَفْعِ الْعَدُوِّ؛ لَيْسَ هُوَ مِثْلُ إعْرَاضِ آحَادِ الْمُقَاتِلَةِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ الْعَظِيمِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. فَتَرْكُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِتَبْلِيغِ الدِّينِ كَتَرْكِ أَهْلِ الْقِتَالِ لِلْجِهَادِ وَتَرْكِ أَهْلِ الْقِتَالِ لِلْقِتَالِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمْ كَتَرْكِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلتَّبْلِيغِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمْ كِلَاهُمَا ذَنْبٌ عَظِيمٌ؛ وَلَيْسَ هُوَ مِثْلُ تَرْكِ مَا تَحْتَاجُ الْأُمَّةُ إلَيْهِ مِمَّا هُوَ مُفَوَّضٌ إلَيْهِمْ؛ فَإِنَّ تَرْكَ هَذَا أَعْظَمُ مِنْ تَرْكِ أَدَاءِ الْمَالِ الْوَاجِبِ إلَى مُسْتَحَقِّهِ. وَمَا يُظْهِرُونَهُ مِنْ الْبِدَعِ وَالْمَعَاصِي الَّتِي تَمْنَعُ قَبُولَ قَوْلِهِمْ وَتَدْعُو النُّفُوسَ إلَى مُوَافَقَتِهِمْ وَتَمَنُّعُهُمْ وَغَيْرُهُمْ مِنْ إظْهَارِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ: أَشَدُّ ضَرَرًا لِلْأُمَّةِ وَضَرَرًا عَلَيْهِمْ مِنْ إظْهَارِ غَيْرِهِمْ لِذَلِكَ. وَلِهَذَا جَبَلَ اللَّهُ قُلُوبَ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّهَا تَسْتَعْظِمُ جُبْنَ الْجُنْدِيِّ