للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَيُقَالُ لَهُمْ: لَيْسَ هَذَا بِحَقِّ. فَإِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ لَا يُنْكِرُونَ مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ هَذَا أَصْلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَهُمْ. وَاَللَّهُ قَدْ أَمَرَ بِالنَّظَرِ وَالِاعْتِبَارِ وَالتَّفَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ فِي غَيْرِ آيَةٍ وَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَلَا أَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَعُلَمَائِهَا أَنَّهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ بَلْ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى الْأَمْرِ بِمَا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ مِنْ النَّظَرِ وَالتَّفَكُّرِ وَالِاعْتِبَارِ وَالتَّدَبُّرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَكِنْ وَقَعَ اشْتِرَاكٌ فِي لَفْظِ " النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ " وَلَفْظِ " الْكَلَامِ " فَإِنَّهُمْ أَنْكَرُوا مَا ابْتَدَعَهُ الْمُتَكَلِّمُونَ مِنْ بَاطِلِ نَظَرِهِمْ وَكَلَامِهِمْ وَاسْتِدْلَالِهِمْ فَاعْتَقَدُوا أَنَّ إنْكَارَ هَذَا مُسْتَلْزِمٌ لِإِنْكَارِ جِنْسِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ. وَهَذَا كَمَا أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ يُسَمِّي مَا وَضَعَهُ " أُصُولَ الدِّينِ " وَهَذَا اسْمٌ عَظِيمٌ وَالْمُسَمَّى بِهِ فِيهِ مِنْ فَسَادِ الدِّينِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ. فَإِذَا أَنْكَرَ أَهْلُ الْحَقِّ وَالسُّنَّةِ ذَلِكَ قَالَ الْمُبْطِلُ: قَدْ أَنْكَرُوا أُصُولَ الدِّينِ. وَهُمْ لَمْ يُنْكِرُوا مَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسَمَّى أُصُولَ الدِّينِ وَإِنَّمَا أَنْكَرُوا مَا سَمَّاهُ هَذَا أُصُولَ الدِّينِ وَهِيَ أَسْمَاءٌ سَمَّوْهَا هُمْ وَآبَاؤُهُمْ بِأَسْمَاءِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَالدِّينُ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَدْ بَيَّنَ أُصُولَهُ وَفُرُوعَهُ وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ قَدْ بَيَّنَ فُرُوعَ الدِّينِ دُونَ أُصُولِهِ كَمَا قَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَهَكَذَا لَفْظُ النَّظَرِ وَالِاعْتِبَارِ وَالِاسْتِدْلَالِ ". وَعَامَّةُ هَذِهِ الضَّلَالَاتِ إنَّمَا تَطَرُّقُ مَنْ لَمْ يَعْتَصِمْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَمَا كَانَ