للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ الْمُشْرِكِينَ عُبَّادِ الْكَوَاكِبِ أَهْلِ السِّحْرِ؛ وَاَلَّذِينَ وَافَقُوا أَعْدَاءَ مُوسَى مِنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ بِالسِّحْرِ. أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ صَانِعٌ غَيْرَ الصَّنْعَةِ وَلَا خَالِقٌ غَيْرَ الْمَخْلُوقِ وَلَا فَوْقَ السَّمَاوَاتِ إلَهٌ كَمَا يَقُولُهُ الِاتِّحَادِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْجَهْمِيَّة. وَاَلَّذِينَ وَافَقُوا الصَّائِبَةَ وَالْفَلَاسِفَةَ فِيمَا كَانُوا يَقُولُونَهُ فِي الْخَالِقِ وَرُسُلِهِ: فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَالْمَعَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذِهِ الطَّوَائِفَ: وَإِنْ كَانَ كُفْرُهَا ظَاهِرًا فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الدَّاخِلِينَ فِي الْإِسْلَامِ. حَتَّى مِنْ الْمَشْهُورِينَ بِالْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ وَالْإِمَارَةِ قَدْ دَخَلَ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُفْرِهِمْ وَعِظَمِهِمْ وَيَرَى تَحْكِيمَ مَا قَرَّرُوهُ مِنْ الْقَوَاعِدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَهَؤُلَاءِ كَثَرُوا فِي الْمُسْتَأْخِرِينَ وَلَبِسُوا الْحَقَّ - الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ - بِالْبَاطِلِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَعْدَاؤُهُمْ. وَاَللَّهُ تَعَالَى: يُحِبُّ تَمْيِيزَ الْخَبِيثِ مِنْ الطَّيِّبِ وَالْحَقِّ مِنْ الْبَاطِلِ. فَيُعْرَفُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافَ: مُنَافِقُونَ أَوْ فِيهِمْ نِفَاقٌ؛ وَإِنْ كَانُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ كَوْنَ الرَّجُلِ مُسْلِمًا فِي الظَّاهِرِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مُنَافِقًا فِي الْبَاطِنِ؛ فَإِنَّ الْمُنَافِقِينَ كُلَّهُمْ مُسْلِمُونَ فِي الظَّاهِرِ وَالْقُرْآنُ قَدْ بَيَّنَ صِفَاتِهِمْ وَأَحْكَامَهُمْ. وَإِذَا كَانُوا مَوْجُودِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي عِزَّةِ الْإِسْلَامِ مَعَ ظُهُورِ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ وَنُورِ الرِّسَالَةِ: فَهُمْ مَعَ بُعْدِهِمْ عَنْهُمَا أَشَدُّ وُجُودًا لَا سِيَّمَا وَسَبَبُ النِّفَاقِ هُوَ سَبَبُ الْكُفْرِ وَهُوَ الْمُعَارِضُ لِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ.