للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي أَخْبَارِ الصِّفَاتِ - حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى عَقْلِهِ وَصَرَّحَ بِتَقْدِيمِهِ عَلَى الْحَدِيثِ وَجَعَلَ عَقْلَهُ مِيزَانًا لِلْحَدِيثِ فَلَيْتَ شِعْرِي هَلْ عَقْلُهُ هَذَا كَانَ مُصَرَّحًا بِتَقْدِيمِهِ فِي الشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ فَيَكُونُ مِنْ السَّبِيلِ الْمَأْمُورِ بِاتِّبَاعِهِ أَمْ هُوَ عَقْلُ مُبْتَدِعٍ جَاهِلٍ ضَالٍّ حَائِرٍ خَارِجٍ عَنْ السَّبِيلِ؟ فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ.

وَهَؤُلَاءِ الِاتِّحَادِيَّةُ وَأَمْثَالُهُمْ إنَّمَا أُتُوا مِنْ قِلَّةِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ بِصِفَاتِ اللَّهِ الَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا عَنْ الْمَخْلُوقَاتِ وَقِلَّةِ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَطَرِيقَةِ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ بَلْ قَدْ يَعْتَقِدُونَ مِنْ التَّجَهُّمِ مَا يُنَافِي السُّنَّةَ تَلَقِّيًا لِذَلِكَ عَنْ مُتَفَلْسِفٍ أَوْ مُتَكَلِّمٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ الِاعْتِقَادُ صَادًّا لَهُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كُلَّمَا أَرَادَتْ قُلُوبُهُمْ أَنْ تَتَقَرَّبَ إلَى رَبِّهَا وَتَسْلُكَ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ إلَيْهِ وَتَعْبُدَهُ - كَمَا فُطِرُوا عَلَيْهِ وَكَمَا بَلَّغَتْهُمْ الرُّسُلُ مِنْ عُلُوِّهِ وَعَظَمَتِهِ - صَرَفَتْهُمْ تِلْكَ الْعَوَائِقُ الْمُضِلَّةُ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى تَجِدَ خَلْقًا مِنْ مُقَلِّدَةِ الْجَهْمِيَّة يُوَافِقُهُمْ بِلِسَانِهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَعَلَى الْفِطْرَةِ وَالسُّنَّةِ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَفْهَمُونَ مَا النَّفْيُ الَّذِي يَقُولُونَهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ؟ بَلْ يَجْعَلُونَهُ تَنْزِيهًا مُطْلَقًا مُجْمَلًا. وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَفْهَمُ قَوْلَ الْجَهْمِيَّة. بَلْ يَفْهَمُ مِنْ النَّفْيِ مَعْنًى صَحِيحًا وَيَعْتَقِدُ أَنَّ الْمُثْبِتَ يُثْبِتُ نَقِيضَ ذَلِكَ وَيَسْمَعُ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ ذِكْرَ ذَلِكَ. مِثْلُ أَنْ يَفْهَمَ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَيْسَ فِي جِهَةٍ وَلَا لَهُ مَكَانٌ وَلَا هُوَ فِي السَّمَاءِ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي جَوْفِ السَّمَوَاتِ وَهَذَا مَعْنًى صَحِيحٌ؛ وَإِيمَانُهُ بِذَلِكَ حَقٌّ وَلَكِنْ