دِينِيَّةٌ رَاجِحَةٌ عَلَى فِعْلِهِ وَإِلَّا فَإِذَا كَانَ فِي السَّيِّئَةِ حَسَنَةٌ رَاجِحَةٌ لَمْ تَكُنْ سَيِّئَةً وَإِذَا كَانَ فِي الْعُقُوبَةِ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ عَلَى الْجَرِيمَةِ لَمْ تَكُنْ حَسَنَةً؛ بَلْ تَكُونُ سَيِّئَةً؛ وَإِنْ كَانَتْ مُكَافِئَةً لَمْ تَكُنْ حَسَنَةً وَلَا سَيِّئَةً فَالْهِجْرَانُ قَدْ يَكُونُ مَقْصُودُهُ تَرْكَ سَيِّئَةِ الْبِدْعَةِ الَّتِي هِيَ ظُلْمٌ وَذَنْبٌ وَإِثْمٌ وَفَسَادٌ وَقَدْ يَكُونُ مَقْصُودُهُ فِعْلَ حَسَنَةِ الْجِهَادِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَعُقُوبَةَ الظَّالِمِينَ لِيَنْزَجِرُوا وَيَرْتَدِعُوا. وَلِيَقْوَى الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ عِنْدَ أَهْلِهِ. فَإِنَّ عُقُوبَةَ الظَّالِمِ تَمْنَعُ النُّفُوسَ عَنْ ظُلْمِهِ وَتَحُضُّهَا عَلَى فِعْلٍ ضِدِّ ظُلْمِهِ: مِنْ الْإِيمَانِ وَالسُّنَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي هِجْرَانِهِ انْزِجَارُ أَحَدٍ وَلَا انْتِهَاءُ أَحَدٍ؛ بَلْ بُطْلَانُ كَثِيرٍ مِنْ الْحَسَنَاتِ الْمَأْمُورِ بِهَا لَمْ تَكُنْ هِجْرَةً مَأْمُورًا بِهَا كَمَا ذَكَرَهُ أَحْمَد عَنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ إذْ ذَاكَ: أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَقْوَوْنَ بالْجَهْمِيَّة. فَإِذَا عَجَزُوا عَنْ إظْهَارِ الْعَدَاوَةِ لَهُمْ سَقَطَ الْأَمْرُ بِفِعْلِ هَذِهِ الْحَسَنَةِ وَكَانَ مُدَارَاتُهُمْ فِيهِ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَأْلِيفُ الْفَاجِرِ الْقَوِيِّ. وَكَذَلِكَ لَمَّا كَثُرَ الْقَدَرُ فِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَلَوْ تُرِكَ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ عَنْهُمْ لَا نَدْرُسُ الْعِلْمَ وَالسُّنَنَ وَالْآثَارَ الْمَحْفُوظَةَ فِيهِمْ. فَإِذَا تَعَذَّرَ إقَامَةُ الْوَاجِبَاتِ مِنْ الْعِلْمِ وَالْجِهَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا بِمَنْ فِيهِ بِدْعَةٌ مَضَرَّتُهَا دُونَ مَضَرَّةِ تَرْكِ ذَلِكَ الْوَاجِبِ: كَانَ تَحْصِيلُ مَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ مَعَ مَفْسَدَةٍ مَرْجُوحَةٍ مَعَهُ خَيْرًا مِنْ الْعَكْسِ. وَلِهَذَا كَانَ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِيهِ تَفْصِيلٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute