للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَغْلَطُ فِي الرَّأْيِ وَالْفُتْيَا وَمَنْ يَغْلَطُ فِي الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ؛ وَإِنْ كَانَ الْمُخْطِئُ الْمُجْتَهِدُ مَغْفُورًا لَهُ خَطَؤُهُ وَهُوَ مَأْجُورٌ عَلَى اجْتِهَادِهِ. فَبَيَانُ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاجِبٌ؛ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مُخَالَفَةٌ لِقَوْلِهِ وَعَمَلِهِ. وَمَنْ عُلِمَ مِنْهُ الِاجْتِهَادُ السَّائِغُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُذْكَرُ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ وَالتَّأْثِيمِ لَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ غَفَرَ لَهُ خَطَأَهُ؛ بَلْ يَجِبُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى مُوَالَاتُهُ وَمَحَبَّتُهُ وَالْقِيَامُ بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ مِنْ حُقُوقِهِ: مِنْ ثَنَاءٍ وَدُعَاءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ وَإِنْ عُلِمَ مِنْهُ النِّفَاقُ كَمَا عُرِفَ نِفَاقُ جَمَاعَةٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي وَذَوِيهِ وَكَمَا عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ نِفَاقَ سَائِرِ الرَّافِضَةِ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ وَأَمْثَالِهِ: مِثْلَ عَبْدِ الْقُدُّوسِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَصْلُوبِ؛ فَهَذَا يُذْكَرُ بِالنِّفَاقِ. وَإِنْ أَعْلَنَ بِالْبِدْعَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ كَانَ مُنَافِقًا أَوْ مُؤْمِنًا مُخْطِئًا ذُكِرَ بِمَا يُعْلَمُ مِنْهُ فَلَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْفُوَ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ إلَّا قَاصِدًا بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَأَنْ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ. فَمَنْ تَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَوْ بِمَا يَعْلَمُ خِلَافَهُ كَانَ آثِمًا. وَكَذَلِكَ الْقَاضِي وَالشَّاهِدُ وَالْمُفْتِي كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: قَاضِيَانِ فِي النَّارِ وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ: رَجُلٌ عَلِمَ الْحَقَّ وَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ