حَرَّكْتُمْ وَلَا سُقْتُمْ خَيْلًا وَلَا إبِلًا. وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ: إنَّ الْفَيْءَ هُوَ مَا أُخِذَ مِنْ الْكُفَّارِ بِغَيْرِ قِتَالٍ؛ لِأَنَّ إيجَافَ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ هُوَ مَعْنَى الْقِتَالِ. وَسُمِّيَ فَيْئًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَفَاءَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَيْ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْكُفَّارِ؛ فَإِنَّ الْأَصْلَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا خَلَقَ الْأَمْوَالَ إعَانَةً عَلَى عِبَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا خَلَقَ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ. فَالْكَافِرُونَ بِهِ أَبَاحَ أَنْفُسَهُمْ الَّتِي لَمْ يَعْبُدُوهُ بِهَا وَأَمْوَالَهُمْ الَّتِي لَمْ يَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى عِبَادَتِهِ؛ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَهُ وَأَفَاءَ إلَيْهِمْ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ كَمَا يُعَادُ عَلَى الرَّجُلِ مَا غُصِبَ مِنْ مِيرَاثِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ وَهَذَا مِثْلُ الْجِزْيَةِ الَّتِي عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَالُ الَّذِي يُصَالِحُ عَلَيْهِ الْعَدُوَّ أَوْ يَهْدُونَهُ إلَى سُلْطَانِ الْمُسْلِمِينَ كَالْحِمْلِ الَّذِي يُحْمَلُ مِنْ بِلَادِ النَّصَارَى وَنَحْوِهِمْ؛ وَمَا يُؤْخَذُ مَنْ تُجَّارِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَهُوَ الْعُشْرُ وَمِنْ تُجَّارِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا اتَّجَرُوا فِي غَيْرِ بِلَادِهِمْ وَهُوَ نِصْفُ الْعُشْرِ. هَكَذَا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْخُذُ. وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِ مَنْ يَنْقُضُ الْعَهْدَ مِنْهُمْ وَالْخَرَاجِ الَّذِي كَانَ مَضْرُوبًا فِي الْأَصْلِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ قَدْ صَارَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ إنَّهُ يَجْتَمِعُ مِنْ الْفَيْءِ جَمِيعُ الْأَمْوَالِ السُّلْطَانِيَّةِ الَّتِي لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ: كَالْأَمْوَالِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مَالِكٌ مُعَيَّنٌ مِثْلَ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ مُعَيَّنٌ؛ وكالغصوب وَالْعَوَارِيِّ وَالْوَدَائِعِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute