للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَوْ مُضَارَبَةٌ أَوْ شَرِكَةٌ أَوْ مَالٌ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ مَالُ يَتِيمٍ أَوْ مَالُ وَقْفٍ أَوْ مَالٌ لِبَيْتِ الْمَالِ؛ أَوْ عِنْدَهُ دَيْنٌ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَدَائِهِ؛ فَإِنَّهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ الْوَاجِبِ: مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ؛ وَعَرَفَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَدَائِهِ؛ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ حَتَّى يُظْهِرَ الْمَالَ أَوْ يَدُلَّ عَلَى مَوْضِعِهِ. فَإِذَا عَرَفَ الْمَالَ وَصَبَرَ عَلَى الْحَبْسِ فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي الْحَقَّ مِنْ الْمَالِ وَلَا حَاجَةَ إلَى ضَرْبِهِ وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى مَالِهِ وَمِنْ الْإِيفَاءِ ضُرِبَ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْحَقَّ أَوْ يُمَكَّنُ مِنْ أَدَائِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا؛ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ} رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ} أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَ " اللَّيُّ " هُوَ الْمَطْلُ: وَالظَّالِمُ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ وَالتَّعْزِيرَ. وَهَذَا أَصْلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ: أَنَّ كُلَّ مَنْ فَعَلَ مُحَرَّمًا أَوْ تَرَكَ وَاجِبًا اسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ؛ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُقَدَّرَةً بِالشَّرْعِ كَانَ تَعْزِيرًا يَجْتَهِدُ فِيهِ وَلِيُّ الْأَمْرِ فَيُعَاقِبُ الْغَنِيَّ الْمُمَاطِلَ بِالْحَبْسِ فَإِنْ أَصَرَّ عُوقِبَ بِالضَّرْبِ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْوَاجِبَ وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ: مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ {عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ