للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهِ الْمَصْلَحَةَ مِنْ التَّحْكِيمِ وَمَحْوِ اسْمِهِ وَمَا تَرَكَهُ مِنْ سَبْيِ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَصِبْيَانِهِمْ. وَهَؤُلَاءِ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِهِمْ؛ لِأَنَّ مَعَهُمْ دِينًا فَاسِدًا لَا يَصْلُحُ بِهِ دُنْيَا وَلَا آخِرَةٌ كَثِيرًا مَا يَشْتَبِهُ الْوَرَعُ الْفَاسِدُ بِالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ؛ فَإِنَّ كِلَاهُمَا فِيهِ تَرْكٌ؛ فَيَشْتَبِهُ تَرْكُ الْفَسَادِ؛ لِخَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِتَرْكِ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ الْجِهَادِ وَالنَّفَقَةِ: جُبْنًا وَبُخْلًا؛ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {شَرُّ مَا فِي الْمَرْءِ شُحٌّ هَالِعٌ وَجُبْنٌ خَالِعٌ}. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ. كَذَلِكَ قَدْ يَتْرُكُ الْإِنْسَانُ الْعَمَلَ ظَنًّا أَوْ إظْهَارًا أَنَّهُ وَرَعٌ؛ وَإِنَّمَا هُوَ كِبْرٌ وَإِرَادَةٌ لِلْعُلُوِّ؛ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ} كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ كَامِلَةٌ فَإِنَّ النِّيَّةَ لِلْعَمَلِ كَالرُّوحِ لِلْجَسَدِ؛ وَإِلَّا فَكَلُّ وَاحِدٍ مِنْ السَّاجِدِ لِلَّهِ وَالسَّاجِدِ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ قَدْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى الْأَرْضِ فَصُورَتُهُمَا وَاحِدَةٌ؛ ثُمَّ هَذَا أَقْرَبُ الْخَلْقِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا أَبْعَدُ الْخَلْقِ عَنْ اللَّهِ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ}. وَفِي الْأَثَرِ {أَفْضَلُ الْإِيمَانِ: السَّمَاحَةُ وَالصَّبْرُ}. فَلَا تَتِمُّ رِعَايَةُ الْخَلْقِ وَسِيَاسَتُهُمْ إلَّا بِالْجُودِ الَّذِي هُوَ الْعَطَاءُ؛ وَالنَّجْدَةُ الَّتِي هِيَ الشَّجَاعَةُ؛ بَلْ لَا يَصْلُحُ الدِّينُ وَالدُّنْيَا إلَّا بِذَلِكَ. وَلِهَذَا كَانَ مَنْ لَا يَقُومُ بِهِمَا سَلَبَهُ [اللَّهُ] (١) الْأَمْرَ وَنَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ؛ كَمَا قَالَ


(١) ما بين معقوفتين غير موجود في المطبوع، ولم أقف عليه في كتاب صيانة مجموع الفتاوى من السقط والتصحيف

أسامة بن الزهراء - منسق الكتاب للموسوعة الشاملة