للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا إذَا أَخَذُوا الْمَالَ فَقَطْ وَلَمْ يَقْتُلُوا - كَمَا قَدْ يَفْعَلُهُ الْأَعْرَابُ كَثِيرًا - فَإِنَّهُ يُقَطَّعُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ: كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمْ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ} . تُقَطَّعُ الْيَدُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَالرِّجْلُ الَّتِي يَمْشِي عَلَيْهَا وَتُحْسَمُ يَدُهُ وَرَجُلُهُ بِالزَّيْتِ الْمَغْلِيِّ وَنَحْوِهِ؛ لِيَنْحَسِمَ الدَّمُ فَلَا يَخْرُجُ فَيُفْضِي إلَى تَلَفِهِ وَكَذَلِكَ تُحْسَمُ يَدُ السَّارِقِ بِالزَّيْتِ. وَهَذَا الْفِعْلُ قَدْ يَكُونُ أزجر مِنْ الْقَتْلِ؛ فَإِنَّ الْأَعْرَابَ وَفَسَقَةَ الْجُنْدِ وَغَيْرِهِمْ إذَا رَأَوْا دَائِمًا مَنْ هُوَ بَيْنَهُمْ مَقْطُوعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ ذَكَرُوا بِذَلِكَ جُرْمَهُ فَارْتَدَعُوا؛ بِخِلَافِ الْقَتْلِ فَإِنَّهُ قَدْ يَنْسَى؛ وَقَدْ يُؤْثِرُ بَعْضُ النُّفُوسِ الْأَبِيَّةِ قَتْلَهُ عَلَى قَطْعِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ مِنْ خِلَافٍ فَيَكُونُ هَذَا أَشَدَّ تَنْكِيلًا لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ. وَأَمَّا إذَا شَهَرُوا السِّلَاحَ وَلَمْ يَقْتُلُوا نَفْسًا وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا ثُمَّ أَغْمَدُوهُ أَوْ هَرَبُوا وَتَرَكُوا الْحِرَابَ فَإِنَّهُمْ يُنْفَوْنَ. فَقِيلَ: نَفْيُهُمْ تَشْرِيدُهُمْ فَلَا يَتْرُكُونَ يَأْوُونَ فِي بَلَدٍ. وَقِيلَ: هُوَ حَبْسُهُمْ. وَقِيلَ: هُوَ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ أَصْلَحَ مِنْ نَفْيٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَالْقَتْلُ الْمَشْرُوعُ: هُوَ ضَرْبُ الرَّقَبَةِ بِالسَّيْفِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَرْوَحُ أَنْوَاعِ الْقَتْلِ وَكَذَلِكَ شَرَعَ اللَّهُ قَتْلَ مَا يُبَاحُ قَتْلُهُ مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ