فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ تَحَزَّبُوا لِفَسَادِ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ وَهَلَاكِ الْحَرْثِ وَالنَّسْلِ؛ لَيْسَ مَقْصُودُهُمْ إقَامَةَ دِينٍ وَلَا مُلْكٍ. وَهَؤُلَاءِ كَالْمُحَارِبِينَ الَّذِينَ يَأْوُونَ إلَى حِصْنٍ أَوْ مَغَارَةٍ أَوْ رَأْسِ جَبَلٍ أَوْ بَطْنِ وَادٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ: يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ عَلَى مَنْ مَرَّ بِهِمْ وَإِذَا جَاءَهُمْ جُنْدُ وَلِيِّ الْأَمْرِ يَطْلُبُهُمْ لِلدُّخُولِ فِي طَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالْجَمَاعَةِ لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ: قَاتَلُوهُمْ وَدَفَعُوهُمْ؛ مِثْلَ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ عَلَى الْحَاجِّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الطُّرُقَاتِ أَوْ الْجَبَلِيَّةِ الَّذِينَ يَعْتَصِمُونَ بِرُءُوسِ الْجِبَالِ أَوْ الْمَغَارَاتِ؛ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ. وَكَالْأَحْلَافِ الَّذِينَ تَحَالَفُوا لِقَطْعِ الطَّرِيقِ بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ " النهيضة " فَإِنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ كَمَا ذَكَرْنَا؛ لَكِنْ قِتَالُهُمْ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ قِتَالِ الْكُفَّارِ إذَا لَمْ يَكُونُوا كُفَّارًا وَلَا تُؤْخَذُ أَمْوَالُهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا أَخَذُوا أَمْوَالَ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ فَإِنَّ عَلَيْهِمْ ضَمَانَهَا فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مَا أَخَذُوا وَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ عَيْنَ الْآخِذِ. وَكَذَلِكَ لَوْ عُلِمَ عَيْنُهُ؛ فَإِنَّ الرِّدْءَ وَالْمُبَاشِرَ سَوَاءٌ كَمَا قُلْنَاهُ؛ لَكِنْ إذَا عُرِفَ عَيْنُهُ كَانَ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ وَيَرُدُّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ عَلَيْهِمْ كَانَ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ: مِنْ رِزْقِ الطَّائِفَةِ الْمُقَاتِلَة لَهُمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ. بَلْ الْمَقْصُودُ مِنْ قِتَالِهِمْ التَّمَكُّنُ مِنْهُمْ لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَمَنْعِهِمْ مِنْ الْفَسَادِ فَإِذَا جُرِحَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ جُرْحًا مُثْخَنًا لَمْ يُجْهَزْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute